للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر ابنُ جُريج، عن مجاهد، قال: أراد رجالٌ؛ منهم: عثمانُ بنُ مظعون وعبدُ اللَّه بنُ عَمرٍو (١)، أن يَتبتَّلوا، أو يَخصُوا أنفسَهم، ويَلبَسوا المُسُوحَ (٢)، فنزَلت هذه الآيةُ إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [المائدة: ٨٨] (٣).

قال ابنُ جُريج: وقال عكرمةُ: إنَّ عليَّ بنَ أبي طالب وعثمانَ بنَ مظعون وابنَ مسعود والمقدادَ بنَ عمرو وسالمًا مولى أبي حُذيفة، تبتَّلوا وجلَسوا في البيوت، واعتزَلوا النساء، ولَبِسوا المُسُوحَ، وحرَّموا طيباتِ الطعام واللِّباس، وهمُّوا بالإخصاء، وأدْمَنوا القيامَ بالليل وصيامَ النهار، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآيةَ. يعني: النساءَ والطعامَ واللِّباس (٤).

وقال محمدُ بنُ المنكدر: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ أبدلَنا بالرهبانيّةِ الجهادَ والتكبيرَ على كلِّ شَرَفٍ (٥) من الأرض".

وذكَر سُنَيدٌ (٦)، قال: حدَّثنا مُعْتَمرُ بنُ سليمان، عن إسحاقَ بنِ سُويد، عن أبي فاختةَ مولى جَعْدةَ بنِ هُبَيرة، قال: كان عثمانُ بنُ مظعونٍ يريدُ أن ينظُرَ هل يستطيعُ السِّياحة، وكانوا يعُدُّون السِّياحةَ: صيامَ النَّهارِ وقيامَ الليل، ففعَل ذلك، حتى ترَكتِ المرأةُ الطِّيبَ والمُعَصفَرَ والخِضابَ والكُحْلَ، فدخَلَتْ على بعضِ أمهاتِ المؤمنين، ورأتْها عائشةُ فقالت: ما لي أراكِ كأنكِ مُغِيبةٌ (٧)؟ فقالت: إني


(١) في الأصل: "عُمر"، خطأ.
(٢) المُسُوح: جمع المِسْح: وهو ثَوبٌ من الشَّعْرِ غليظ. التاج (م س ح).
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٠/ ٥١٩. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٠/ ٥١٩، وأورده ابن كثير في تفسيره ٣/ ١٧١ من طريق حجاج بن محمد المصِّيصي، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، به.
(٥) الشَّرَفُ: العلوّ والمكان العالي. الصحاح (ش ر ف).
(٦) هو سُنيْد بن داود المِصِّيصي، أبو علي المحتسب، وشيخه معتمر بن سليمان: هو ابن طرخان التَّيمي.
(٧) المُغِيبَةُ: التي غاب عنها زوجها. النهاية في غريب الحديث ٣/ ٣٩٩ (غيب).

<<  <  ج: ص:  >  >>