للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكَر وكيعٌ، عن أبي عاصم (١)، عن الشعبيِّ، قال: كان رجلان أخَوان من الأنصار يقالُ لأحدهما: أشعَثُ، فغزا في جيشٍ من جيوشِ المسلمين. قال: فقالت امرأةُ أخيه لأخيه: هل لك في امرأةِ أخيك، معها رجلٌ يحدِّثُها؟ فصعِد، فأشرَف عليه وهو معها على فراشِها، وهي تنتِفُ له دجاجةً، وهو يقول:

وأشعَثَ غرَّه الإسلامُ مني ... خلوتُ بعِرسِه ليلَ التِّمامِ (٢)

أبِيتُ على حشاياها ويُمسي ... على دهماءَ لاحِقةِ الحزامِ (٣)

كأنَّ مواضعَ الرَّبَلاتِ (٤) منها ... فِئامٌ قد جُمِعْنَ إلى فئامِ

قال: فوثَب إليه الرجلُ فضرَبه بالسيفِ حتى قتَله، ثم ألقاه، فأصبَح قتيلًا بالمدينة، فقال عُمر: أنشُدُ اللَّهَ رجلًا كان عندَه من هذا عِلمٌ إلا قام به. فقام رجلٌ، فأخبَره بالقصة، فقال: سُحْقٌ وبُعْدٌ (٥).

قال أبو عُمر: هذا خبرٌ منقطعٌ، وليس فيه شهادةٌ قاطعةٌ على معاينةِ القتل، ولا إقرارِ القاتل، فلا حجةَ فيه، وقد روَى هذا الخبرَ ابنُ جريج، عن عبدِ اللَّه بنِ عُبيدِ بنِ عُمير، فجعَله في غير هذه القصة، وأنشَد الأبياتَ:


(١) سقط "أبي" من الأصل.
(٢) قوله: "بعِرْسه ليل التّمام" العِرْس بالكسر: امرأة الرجل، وليل التِّمام، بكسر التاء، أطول ليلةٍ في السَّنة. الصحاح (عرس) و (تمم).
(٣) قوله: "دهماء لاحقة الحزام" الدهماء: السوداء، واللاحقة: الضامرة، اللسان (دهم) و (لحق). والمراد: أنها ضامرة البطن حيث موضع الحزام الكائن على الوسط.
(٤) قوله: "الرَّبَلات" جمع الرَّبْلَة: وهي باطنُ الفخذ. وقوله بعده: "فئامٌ قد جُمِعْن إلى فئام" الفئام: الجماعة من الناس، وهو هنا كناية عن ضخامة هذا الموضع من اللحم. واللسان (ربل) و (فأم). وتُنظر هذه الأبيات في عيون الأخبار لابن قتيبة ٤/ ١١٣، والمحاسن والأضداد للجاحظ، ص ٢٦١، والأوائل للعسكري، ص ١٥٦.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٨٤٦٠) عن وكيع بن الجراح، به، والضبط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>