للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: ليس في صيامِه لشعبان تطوُّعًا دفعٌ لما تأوَّلَه أولئكَ في النَّهي عن صوم يوم الشَّكِّ تطوُّعًا؛ لأنّ في الحديث: "إلّا أن يكونَ في صومٍ يصومُه". وفي ذلك دلالةٌ على أنّ النَّهيَ عن تقدُّمِ رمضانَ بيومٍ أو يومين إنّما هو على ذلك الوجه، والله أعلمُ.

وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته" فمعناه: صوموا اليومَ الذي يَلِي ليلةَ رُؤيتِه مِن أوّلِه، ولم يُردْ: صُوموا من وقتِ رُؤيتِه؛ لأنّ الليلَ ليس بموضع صيام، وإذا رُئيَ الهلالُ نهارًا فإنّما هو للَّيلة التي تأتي، هذا هو الصحيحُ إن شاء الله.

وقد اختلفَتِ الروايةُ في هذه المسألة عن عمرَ رضي الله عنه؛ ذكَر عبدُ الرزاق (١)، عن معمرٍ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، قال: كتَب إلينا عمرُ ونحن بخانِقين (٢): إذا رأيتُم الهلالَ نهارًا فلا تُفطِروا حتى يشهَدَ رجلان أنّهما رأياه بالأمس. ففي هذا الخبر عن عمرَ اعتبارُ شهادةِ رجلين على رُؤية الهلال، ولم يخُصَّ عشيًّا من غير عشّى. وقد ذكَرنا مسألةَ الشَّهادة على الهلال في باب نافع.

حدَّثنا أحمدُ بن قاسمٍ المقرئُ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن محمدِ بنِ حَبَابةَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبد العزيزِ البَغَويُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن الجَعْد، قال (٣): حدَّثنا زُهيرُ بن مُعاوية، عن الأعمش، عن شَقِيق بن سَلَمة، قال: كتَب إلينا عمرُ بن الخطاب ونحن بخانِقينَ: إنّ الأهِلَّة بعضُها أكبرُ من بعض، فإذا رأيتُم الهلالَ نهارًا فلا تُفطِروا حتى يشهَدَ عَدْلانِ أنّهما رَأَياه بالأمس (٤).


(١) المصنف (٧٣٣١) و (٩٤٣١).
(٢) خانقين: اسم مدينة قائمة إلى يوم الناس قريبة من الحدود الإيرانية، تابعة لمحافظة ديالى في العراق.
(٣) الجعديات (٢٦٩٤).
(٤) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٩٥٥٣) و (٩٥٦٦)، وسعيد بن منصور (٢٥٩٩)، والدارقطني (٢١٩٦) و (٢٢٠٠)، والبيهقي ٤/ ٢١٢، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>