للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرياءِ كلِّه، لأن الرياءَ شِركٌ أو ضَربٌ من الشِّرك. قال أهلُ العلم بالتأويل: إن قولَ اللَّه عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠]، نزَلت في الرياء.

ويدخُلُ في الإخلاصِ أيضًا التوكُّلُ على اللَّه، وأنه لا يضُرُّ ولا ينفَعُ، ولا يُعطي ولا يمنَعُ، على الحقيقة غيرُه؛ لأنه لا مانعَ لِمَا أعطَى، ولا مُعطيَ لما منَع، لا شريكَ له.

وفيه: الحضُّ على الاعتصام والتمسُّكِ بحبلِ اللَّه في حالِ اجتماعٍ وائتلاف، وحبلُ اللَّه في هذا الموضعِ فيه قولان، أحدُهما: كتابُ اللَّه، والآخرُ: الجماعةُ، ولا جماعةَ إلا بإمام. وهو عندي معنًى متداخِلٌ متقاربٌ، لأن كتابَ اللَّه يأمُرُ بالأُلفَةِ وينْهَى عن الفرقة، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} الآيةَ [آل عمران: ١٠٥]، وقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣].

رَوَى يزيدُ بنُ زُرَيع، عن سعيد، عن قتادةَ في قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآيةَ. قال: حبلُ اللَّه الذي أمَر أن يُعتصَمَ به: القرآنُ.

وقال قتادةُ: إنَّ اللَّهَ قد كرَّه إليكم الفرقة، وقدَّم إليكم فيها، وحذَّرَكُموها، ونهاكُم عنها، ورضيَ اللَّهُ السّمعَ والطاعةَ، والأُلفةَ والجماعة، فارضُوْا لأنفسِكم بما رضيَ اللَّه لكم (١)، فقد ذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهَ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "مَنْ فارَق جماعةَ المسلمين قِيْدَ شِبْرٍ فقد خلَع رِبْقَةَ الإسلام من عنقِه".


(١) إلى هنا أخرجه ابن المنذر في تفسيره (٧٧٦)، وهو عند عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٩٢، وابن جرير الطبري في تفسيره ٧/ ٧١ مختصرًا، ثلاثتهم من طريق يزيد بن زريع، به دون المرفوع منه. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>