للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي هذا الحديثِ: أنَّ من الدين النصيحةَ لأئمةِ المسلمين، وهذا أوجَبُ ما يكونُ، فَعَلى مَن واكَلَهم وجالَسَهم، وكلِّ مَن أمْكَنه نصحُ السلطانِ لزِمه ذلك إذا رجا أن يُسمَعَ منه.

وروَى معمرٌ، عن الزهريِّ، عن السائبِ بنِ يزيد، قال: قال رجلٌ لعمرَ بنِ الخطاب: ألّا أخافَ في اللَّه لَومةَ لائم خير لي، أم أُقْبِلَ على أمري؟ فقال: أمّا مَن وليَ من أمرِ المسلمين شيئًا، فلا يَخَفْ في اللَّه لومةَ لائم، ومَن كان خِلْوًا (١) فليُقبِلْ (٢) على نفسِه، وليَنْصَحْ لأميرِه (٣).

وسُئِل مالكُ بنُ أنس: أيأتي الرجلُ إلى السلطانِ فيَعِظُه، ويَنْصَحُ له، ويَنْدُبُه إلى الخير؟ فقال: إذا رجا أن يَسمَعَ منه، وإلا فليس ذلك عليه.

قال أبو عُمر: إنما فرَّ مَن فرَّ مِن الأمراء؛ لأنه لا يُمكِنُه أن يَنصَحَ لهم، ولا يُغيِّر عليهم، ولا يَسلَمَ من مُتابَعتِهم.


= "فحديثٌ قد رواه عن ابن وهبٍ يونسُ وتابَعَ أحمد عليه، ورواه معنٌ وابن عثمة وابنُ مخشيّ عن مالك، ثم رُوي عن الثوريِّ كروايتهم، فلا يؤثر قول النسائيِّ عليه، ولا إنكاره عليه يساوي شيئًا، وأحمد بن صالح من أجلّه الناس" ثم قال: "ولولا أنّي شرطتُ في كتابي هذا أن أذكر فيه كلَّ من تكلَّم فيه متكلِّم لكنتُ أُجِلُّ أحمدَ بن صالح أن أذكره". الكامل ١/ ١٨٣.
وقد أشار الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ٢/ ٥٩ إلى ما ذكره ابن عدي كالمُقِرِّ له، فقال: "وقد ذكر ابن عديّ أن النسائي أنكر على أحمد بن صالح روايته عن ابن وهب عن مالك هذا الحديث، وقد ظهر أنه لم ينفرد به".
(١) المراد بالخِلْو هنا: الفارغ البال وغير المتشاغل بالهموم وغيرها. وينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ٧٤.
(٢) في الأصل: "فليقل"، خطأ بيّن.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ١١/ ٣٣٣ (٢٥٦٩٣) عن معمر بن راشد، به. ومن طريق معمر أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (٨٤٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٧٥٦٢)، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>