وفيه: ما كان عليه مروانُ من الاهتبال (١) بالعلم ومسائل الدين، مع ما كان فيه من الدنيا. ومروانُ عندَهم أحدُ العلماء، وكذلك ابنُه عبدُ الملك.
وفيه: ما يدلُّ على أنَّ الشيءَ إذا تُنُوزع رُدَّ إلى من يُظَنُّ به أنَّه يوجَدُ عندَه علمٌ منه، وذلك أنَّ أزواجَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمُ الناس بهذا المعنى بعدَه من أجله -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وفيه: أنَّ مَن كان عندَه علمٌ في شيء وسمع خلافَه، كان عليه إنكارُه، من ثقةٍ سَمع ذلك أو غيرِ ثقة، حتى يتبيَّنَ له صحّةُ خلافِ ما عندَه.
وفيه: أنَّ الحجَّةَ القاطعةَ عند الاختلاف فيما لا نصَّ فيه من الكتاب سنةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وفيه: إثباتُ الحجَّة في العمل بخبر الواحدِ العدل، وأنَّ المرأةَ في ذلك كالرجل سواءً، وأنَّ طريقَ الإخبار في هذا غيرُ طريق الشهادات.
وفيه: طلبُ الحجَّةِ وطلبُ الدليل والبحثُ عن العلم حتى يَصحَّ فيه وجهُ العمل، ألا ترَى أن مروانَ حينَ أخبَره عبدُ الرحمن بنُ الحارث عن عائشةَ وأمِّ سلمةَ بما أخبَره به في هذا الحديث، بعَث إلى أبي هريرةَ طالبًا للحُجَّةِ، وباحثًا عن موقعها، ليعرِفَ من أين قال أبو هريرةَ ما قاله من ذلك.
وفيه: اعترافُ العالِم بالحقِّ وإنصافُه إذا سمع الحجَّة، وهكذا أهلُ الدين والعلم أولو إنصافٍ واعتراف.
وفيه: الحكمُ الذي من أجله ورَد هذا الحديث، وذلك أنَّ الجُنُبَ إذا أصابتْه جنابةٌ من الليل في رمضانَ لم يضُرَّه أن يُصبحَ جُنُبًا، ولم يُفسِدْ ذلك صيامَه، ولا قدَح في شيء منه، وهذا موضعٌ للعلماء فيه اختلافٌ وتنازُعٌ، قد ذكَرنا ذلك