للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبي، عن جدِّي، قال: حدَّثني عُقَيلٌ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عُبيدُ اللَّه بنُ عبدِ اللَّه بنِ عمر، أنَّه احتلَم ليلًا في رمضان، فاستيقَظ قبلَ أن يطلُعَ الفجرُ، ثم نام قبلَ أن يغتسلَ، فلم يستيقِظْ حتى أصبح، قال: فلَقيتُ أبا هريرةَ حينَ أصبَحتُ فاستفتيتُه، فقال: تُفطِرُ، فإنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمرُ بالفِطرِ إذا أصبَح الرجلُ جُنُبًا. قال عُبيد اللَّه: فجِئتُ عبدَ اللَّه بنَ عمرَ فذكرتُ له الذي أفتاني أبو هريرة، قال: أُقسمُ باللَّه، لئن أفطَرتَ لأُوجِعَنَّ مَتْنَيْك، فإنْ بدا لكَ فصُمْ يومًا آخر.

قال أبو عُمر: لم يختلف فقهاءُ الأمصارِ بالحجازِ والعراقِ في الصائم في رمضانَ وغيرِه يُصبحُ جُنُبًا، أنَّه يصومُ ذلك اليومَ ويُجزِئُه، ورُوي عن بعض التابعين أنهم كانوا يَستحبُّون لمن أصبَح جُنُبًا في رمضانَ أن يصومَ ذلك اليومَ ويُبدِلَه، ومال إليه الحسنُ بنُ صالح بن حيٍّ. وهو قولٌ لا يَصحُّ في النظر ولا من جهةِ الأثر، وقد ذكَرنا اختلافَ الفقهاءِ على وجهِه في هذه المسألةِ ووجوهِها في باب أبي طُوَالةَ من هذا الكتاب (١). والحمدُ للَّه.

وذكَر عبدُ الرزاق (٢)، عن ابنِ عُيينة، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، قال: مَن أدرَكَ الصبحَ جُنُبًا وهو مُتعمِّدٌ لذلك أبدَل الصِّيامَ، ومَن أتى ذلك على غير عمدٍ لم يُبدِلْه (٣).

ورُويَ عن عليٍّ وابنِ عمرَ وابنِ مسعود وأبي الدّرداء وزيدِ بنِ ثابتٍ وابنِ عبّاس: لا يُبْدِلُه.

وهؤلاء فقهاءُ الصحابةِ، وهم القُدْوةُ مع ما صحَّ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من روايةِ عائشةَ وأمِّ سلمةَ في ذلك، وباللَّه التوفيقُ.


(١) هو في الموطأ ١/ ٣٩٠ (٧٩٣)، وقد سلف ذلك أثناء شرح الحديث الأول له.
(٢) في مصنَّفه ٤/ ١٨٣ (٧٤٠٥).
(٣) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٤/ ١٨١ (٧٤٠١ - ٧٤٠٤)، والمصنَّف لابن أبي شيبة (في الرجل يُصبح وهو جُنُب يغتسل، ويُجزيه صومه) ٣/ ٨٠ - ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>