للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مختارًا له في رمضان، وفيها دليلٌ على أنَّ الفطرَ أولى إن شاء اللَّه، وقد تقدَّم ذكرُ اختلافِ العلماءِ في الأفضل من ذلك في باب حُميدٍ الطويل (١).

ذكَر عبدُ الرزاق (٢)، عن مَعْمر، عن الزُّهريِّ، عن عُبيدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه بنِ عُتْبة، عن ابن عباس، قال: خرجَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامَ الفتح في شهرِ رمضان، فصامَ حتى بلَغ الكَديد، ثم أفطر. قال الزهريُّ: فكان الفِطرُ آخرَ الأمرَين.

قال (٣): وأخبرنا معمرٌ، عن أيوبَ، عن نافع، قال: كان ابنُ عمرَ لا يصومُ في السفَر. قال: وما رأيتُه صامَ في السفر قطُّ إلا يومًا واحدًا، فإني رأيتُه أفطَر حينَ أمسى، فقلت له: أكنتَ صائمًا؟ قال: نعم، كنتُ أرى أني سأدخلُ مكةَ اليوم، فكرهتُ أن يكونَ الناسُ صيامًا وأنا مُفطِر. وذلك في رمضان.

واختلفوا في المسافر يكونُ مُفطِرًا في سفرِه، ويدخلُ الحضرَ في بقيةٍ من يومِه ذلك؛ فقال مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُهما -وهو قولُ ابن عُليّةَ وداود، في المرأة تطهرُ، والمسافر يقدَمُ وقد أفطَرا في السفر-: إنهما يأكُلان ولا يُمسكان. قال مالكٌ والشافعيُّ: ولو قدِم مسافرٌ في هذه الحال، فوجد امرأتَه قد طَهرت، جاز له وطؤُها. قال الشافعيُّ: أُحبُّ لهما أن يستَترا بالأكل والجماع خوفَ التُّهمة (٤).

ورَوى الثوريُّ عن أبي عُبيد، عن جابرِ بنِ زيد، أنه قَدِم من سفرٍ في شهر رمضان، فوجدَ المرأةَ قد اغتسلَت من حيضتِها، فجامَعها (٥).


(١) سلف في الحديث الأول له عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.
(٢) في المصنَّف ٢/ ٥٦٣ (٤٤٧١) و ٤/ ٢٦٩ (٧٧٦٢). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٤١٩ (٣٤٦٠)، والبخاري (٤٢٧٦)، ومسلم (١١١٣).
(٣) في المصنَّف ٢/ ٥٦٤ (٤٤٧٦)، وإسناده صحيح.
معمر: هو ابن راشد، وأيوب: هو السَّختياني، ونافع: هو مولى عبد اللَّه بن عمر.
(٤) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٧٣، والأمّ للشافعيّ ٢/ ١١١، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٤.
(٥) ذكره ابن حبّان في الثقات ٧/ ١٥٧ (٤٩٥٢) وقال: "عبيد بن أبي عبيد" بدلًا من "أبي عبيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>