للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالماء بعدَ الحاجة إليه، وذلك معنى قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: ١٩ - ٢١].

وفيه: إباحةُ الدُّعاءِ في الاستصحاءِ كما يُدْعَى في الاستسقاء.

وفيه: ما كان عليه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الخُلُق العظيم في إجابةِ كلَّ مَن دَعاه إلى ما أراد ما لم يكن إثمًا.

وقد ذكَرنا أحكامَ الاستسقاءِ والصلاةِ فيها والقراءةِ وسائرَ سُنَنِها في باب عبدِ اللَّه بنِ أبي بكر من هذا الكتاب (١).

وروَى هذا الحديث الليثُ، عن سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن شَرِيك، عن أنس، قال: بينا نحنُ في المسجدِ يومَ (٢) الجمعةِ ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطُبُ، قامَ رجلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه، تَقَطَّعتِ السُّبُل، وهلَكَتِ الأموالُ، وأجْدَبَتِ البلادُ، فادعُ اللَّه أن يَسْقينا. فرفَع رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَيه حِذاءَ وجهِه وقال: "اللهمَّ اسْقِنا". وذكَر نحوَ حديثِ مالك، إلا أنه قال: "اللهمَّ حَوالَينا ولا علينا، ولكن الجبالَ ومنابتَ الشَّجَر". قال: فتمزَّقَ السحابُ، فما نَرى منه شيئًا (٣).

ورواه إسماعيلُ بنُ جعفر، عن شَرِيك، عن أنس مثلَهُ، بأتمِّ معنًى، وأحسن سياقةً، وفي آخرِ حديثِه قال شَريك: سألتُ أنسًا، الرجلُ الذي أتاه آخرًا هو الرجلُ الأول؟ قال: لا (٤).


(١) وهو ابن عمرو بن حزم، وسلف ذلك في الحديث الثاني له عن عبّاد بن تميم، وهو في الموطأ ١/ ٢٦٤ (٥١١).
(٢) "يوم" لم ترد في الأصل.
(٣) أخرجه أبو داود (١١٧٥)، والنسائي في المجتبى (١٥١٥)، وفي الكبرى ٣/ ٣٢٠ (١٨٣١)، وأبو عوانة في المستخرج ٢/ ١١١ (٢٤٩١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٢٢ (١٨٩٢) من طرق عن الليث بن سعد، به. وإسناده صحيح.
(٤) أخرجه البخاري (١٠١٤)، ومسلم (٨٩٧) (٨)، والنسائي في المجتبى (١٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>