للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما وإدراكُ ركعةٍ من الصُّبْح فلا معنى لتَركهما؛ لأنه لا تفوتُ الصلاةُ مَن أدرَك ركعةً منها.

وقال منهم آخرون: إذا لم تَفُتْه الرَّكْعةُ الأولى من صلاةِ الصُّبْح، فلا بأسَ أن يُصَلِّيهما في المسجد.

وقال مالكٌ وأبو حنيفة: خارجَ المسجد، لأنَّ النَّهيَ المذكورَ عندَهم في حديثِ ابنِ بُحَينةَ وعبدِ اللَّه بنِ سَرْجِسَ مع قوله: "أصَلاتان معًا؟ " يحتملُ أن يكونَ ذلك، لأنّه جمعٌ بينَ الفريضةِ والنافلةِ في مَوْضع واحد، كما نَهَى مَن صلَّى الجمعةَ أن يصليَ بعدَها تطوعًا في مقام واحدٍ حتى يتقدَّمَ أو يتكلم. هذا ما نزَع به الطَّحاويُّ (١)، وهو شيءٌ عندي ليس بالقويِّ.

ومن حُجَّة مالك وأبي حنيفةَ أيضًا في أن يُصلِّيهما خارجَ المسجد إن رَجا أن يُدْرِك: ما حدَّثنا سعيدُ بنُ نَصْر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ محمدٍ الصائغُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سابِق، قال: حدَّثنا شَيْبانُ، عن يحيى بنِ أبي كثير، عن زيدِ بنِ أسْلَم، عن ابنِ عُمر، أنه جاءَهُ والإمامُ يُصلِّي صلاةَ الصُّبْح، ولم يكنْ صلَّى الركعتَين قبل صلاةِ الصُّبح، فصلَّاهما في حُجْرةِ حَفْصة، ثم إنه صلَّى مع الإمام (٢). فهذا ابنُ عمرَ قد صلّاهما -بعدَ أن أُقِيمت المكتوبةُ- خارجَ المسجد، وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفة.

وحدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبد السلام، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر،


(١) في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٧٥ (٢٢٠٤) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، به. وإسناده حسن. محمد بن سابق: وهو التميمي أبو جعفر البزّاز الكوفي صدوق كما في التقريب (٥٨٩٧)، ووثقه الذهبي في الميزان (٧٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>