للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: بيانُ أنَّ مباشرةَ المرأةِ للرجل ليست كمباشرةِ الرجل لها، وأن المعنى المرادَ بالمباشرة هاهنا: الجماعُ وما كان في معناه، وقد تقدَّم القولُ في ذلك كلِّه، والحمدُ للَّه.

وفي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ الحائضَ ليست بنجَس، وهو أمرٌ مجتمَعٌ عليه، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- لعائشة: "ناوليني الخُمرَةَ"، فقالت: إنِّي حائضٌ، فقال: "إنّ حيضتَكِ ليست في يَدِكِ" (١). وقد مضَى القولُ في معنى هذا الحديث في باب ربيعة.

وفي ترجيل عائشةَ شعرَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي حائضٌ تفسيرٌ لقول اللَّه عزَّ وجلَّ: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢]؛ لأنَّ اعتزالَهُنَّ كان يحتملُ ألا يُقرَبْنَ في البيوت، ولا يُجتمعَ معهنَّ في مواكَلَةٍ ولا مُشارَبة، ويَحتملُ أن يكونَ اعتزالَ الوطءِ لا غير، ويَحتملُ أن يكونَ مباشرتَهنَّ مُؤْتِزرات؛ فبيّن رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرادَ اللَّه من ذلك على ما قد أوضحناه، وذكَرنا اختلافَ العلماءِ فيه وما جاء في ذلك من الآثار عن النبيِّ عليه السلامُ في باب ربيعة (٢)، وقد ذكَرنا كثيرًا من حُكْم طهارةِ الحائض في باب ابنِ شهاب عن عُروةَ في حديثِ الاعتكاف (٣)، وذكَرنا في باب نافع (٤) الحُكْم في الوُضوء بسُؤْرِ المرأةِ وفضل وُضوئها والاغتسال معها في إناءٍ واحد، وهو أمرٌ صحَّت به الآثارُ واتفقَ عليه فقهاءُ الأمصار.

وفيه دليلٌ على أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ذا شعَر، وقد مضَى في باب زيادِ بنِ


(١) سلف تخريجه في أثناء الحديث السابع من مرسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عائشة رضي اللَّه عنها.
(٢) في أثناء شرح الحديث السابع له، وقد سلف في موضعه.
(٣) هو في الموطأ ١/ ٤١٩ (٨٦١)، وهو الحديث الرابع عشر لابن شهاب الزُّهري عن عروة بن الزُّبير، وقد سلف في موضعه.
(٤) وهو نافع مولى عبد اللَّه بن عمر، وحديثه في الموطأ ١/ ٥٨ (٤٨)، وهو الحديث التاسع والعشرون له عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما، وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>