للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى ابنُ وَهْب في "موطئه" (١)، قال: أخبَرني عمرُو بنُ الحارث، عن أبي الأسود، عن عُروةَ بنِ الزبير، عن أبي مُراوح، عن حمزةَ بنِ عمرٍو الأسلميِّ، أنه قال: يا رسولَ اللَّه، أجِدُ بي قوةً على الصيام في السَّفر، فهل عليَّ من جُناح؟ فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هي رخصةٌ من اللَّه، فمَن أخَذ بها فحسَنٌ، ومَن أحَبَّ أن يصومَ فلا جُناحَ عليه".

فهذا أبو الأسود، وهو ثَبْتٌ في عُروةَ وغيرِه، قد خالَف هشامًا فجعَل الحديثَ عن عُروة، عن أبي مُراوح، عن حمزة. وهشامٌ يجعَلُه عن عُروة، عن عائشة. وفي رواية أبي الأسود ما يدُلُّ على أن روايةَ يحيى ليست بخطأ (٢).

وقد روَى سليمانُ بنُ يسار هذا الحديثَ عن حمزةَ بنِ عمرٍو الأسلميِّ (٣)، وسنُّه قريبٌ من سنِّ عُروة. والحديثُ صحيحٌ لعُروة، وقد يجوزُ أن يكونَ عُروةُ سمِعه من عائشةَ ومن أبي مُراوح جميعًا، عن حمزةَ، فحدَّث به عن كلِّ واحدٍ منهما، وأرسلَه أحيانًا. واللَّهُ أعلم.

وفي هذا الحديث: التَّخييرُ للصائم في رمضان، إن شاء أن يصومَ في سفرِه، وإن شاء أن يُفطِرَ، وهو أمرٌ مجتمَعٌ عليه من جماعةِ فقهاءِ الأمصار، وهو الصحيحُ في هذا الباب.


(١) في موطئه (٢٧٥)، وفي الجامع (٢٧٧) (٢٧١)، ومن طريقه أخرجه مسلم (١١٢١) (١٠٧)، والنسائي في الكبرى ٣/ ١٥٩ (٢٦٢٣)، وينظر ما سلف، ص ١٥٧، التعليق (٤).
(٢) وكذا صحَّح الروايتين الدارقطني، فقال بعد أن أخرج الحديث من رواية ابن وهب في سننه ٣/ ١٦٤ (٢٣٠١): "هذا إسنادٌ صحيح، وخالفه هشام بن عروة؛ رواه عن أبيه، عن عائشة: أنّ حمزة بن عمرو سأل النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون القولان صحيحين، واللَّه أعلم".
وقال في العلل ١٥/ ٣٨: "وحديث أبي الأسود هذا صحيح. . .، وحديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنّ حمزة بن عمرو. . .، صحيح أيضًا".
(٣) أخرجه الطيالسي في مسنده (١٢٧١)، وابن أبي شيبة في مسنده ٢/ ٢٧٢ (٧٦٧)، وأحمد في المسند ٢٥/ ٤٢٣ (١٦٠٣٧) و ٢٥/ ٤٢٥ (١٦٠٣٨)، والنسائي (٢٢٩٤)، وابن خزيمة في صحيحه ٣/ ٣١٢ (٢١٥٣)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١٥٣) مسند ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>