للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدًا منه أن ينصرِفَ إليه حيثُ ذكَره في بلدِه أو غيرِ بلدِه حتى يأتيَ به كاملًا، كمن نَسيَ الطوافَ الواجبَ طوافَ الإفاضة سواءً، أو نَسيَ شيئًا منه.

ولا خلافَ بينَ علماء المسلمين في وُجوبِ طوافِ الإفاضة -وهو الذي يُسمِّيه العراقيون طوافَ الزيارة- يومَ النحر بعدَ رمي جمرةِ العقبة، إلّا أن منهم من يقول: إنّ عملَ الحجِّ ينوبُ فيه التطوعُ عن الفرض. على ما بيّناه عنهم في غير هذا الموضع.

واختلفوا في وجوبِ السعي بينَ الصفا والمروة؛ فذهَب مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُهما، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور، إلى ما ذكَرنا. وهو مذهبُ عائشةَ رضي اللَّه عنها، ومذهبُ عُروة، وغيره. وكان أنسُ بنُ مالك، وعبدُ اللَّه بنُ الزبير، ومحمدُ بنُ سيرين، يقولون: هو تطوعٌ وليس ذلك بواجب (١). ورُوي ذلك عن ابن عباس (٢).

ويُشبهُ أن يكونَ مذهبَ أُبيِّ بنِ كعب وابن مسعود؛ لأنَّ في مصحفِ أبيٍّ وابنِ مسعود: "فلا جناحَ عليه ألّا يَطَّوَّفَ بهما" (٣).

وقال أبو حنيفةَ والثوريُّ (٤): من تَرك السعيَ بينَ الصفا والمروةِ فعليه دَمٌ. وهو قولُ الحسن البصريِّ؛ إلَّا أنّ تلخيصَ مذهبِ أبي حنيفةَ في ذلك: إن


(١) ينظر: تفسير ابن جرير الطبري ٣/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن، ص ٢٩٠، وابن جرير الطبري في تفسيره ٣/ ٢٤١، وابن أبي داود في المصاحف، ص ١٨٨، والبيهقي في معرفة السنن والآثار ٧/ ٢٥٥ (٩٩٧١) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عنه أنه كان يقرأ (إن الصفا والمروة من شعائر اللَّه فلا جُناح عليه أنْ لا يطَّوف بهما).
(٣) ينظر: تفسير ابن جرير الطبري ٣/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٤٥، وتفسير ابن جرير الطبري ٣/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>