للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الغناءُ الذي كرِهه العلماءُ، فهو الغناءُ بتقطيع حروفِ الهجاء، وإفسادِ وَزنِ الشعرِ والتَّمطيطِ به طلبًا للَّهو والطَّرب، وخُروجًا عن مذاهبِ العرب، والدليلُ على صحَّة ما ذكَرنا، أن الذين أجازوا ما وصَفنا من النَّصْب والحُداءِ هم كرِهوا هذا النوعَ من الغناء، وليس منهم مَنْ يأتي شيئًا وهو يَنهَى عنه.

روَى شعبةُ (١) وسفيانُ (٢)، عن الحَكَم وحماد (٣)، عن إبراهيم، قال: قال عبدُ الله بنُ مسعود: الغناءُ يُنبتُ النفاقَ في القلب.

وروَى ابنُ وَهْب، عن سليمانَ بنِ بلال، عن كثيرِ بنِ زيد، أنَّه سمِع عُبيدَ الله بنَ عبدِ الله بنِ عمرَ يقول للقاسم بنِ محمد: كيف ترَى في الغناء؟ فقال القاسم: هو باطل. قال: قد عرفتُ أنَّه باطلٌ، فكيف ترَى فيه؟ قال القاسم: أرأيتَ الباطلَ أين هو؟ قال: في النار. قال: فهو ذاك.


(١) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في ذمّ الملاهي (٣١) و (٣٤)، ومحمد بن نصر المروزيّ في تعظيم قدْر الصلاة (٦٨٠)، وأبو بكر الخلّال في السُّنة (١٦٥٩)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٢٢٣ (٢١٥٣٥)، وفي شعب الإيمان ٤/ ٢٧٨ (٥٠٩٨)، وإسناده صحيح، لأجل حمّاد بن أبي سليمان، فقيهٌ صدوق حسن الحديث كما في تحرير التقريب (١٥٠٠)، وهو متابع وباقي رجال الإسناد ثقات. شعبة: هو ابن الحجّاج، والحكم: هو ابن عُتيبة الكنديّ، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعيّ.
(٢) لم نقف عليه من هذا الوجه، لكن أخرجه ابن أبي الدُّنيا في ذمّ الملاهي بإثر (٣٥)، وأبو بكر الخلّال في السُّنة (١٦٤٧)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (٩٤٥) ثلاثتهم من طريق سفيان عن منصور بن المعتمر، عن حمّاد.
(٣) وقع في بعض المصادر، ومنها السنن الكبرى للبيهقي ١٠/ ٢٢٣: "الحكم عن حماد"، وهو صحيح، لكن ما أثبتناه من الأصل صحيح أيضًا، فالحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان كلاهما يروي عن إبراهيم، فرواية الحكم بن عتيبة عن إبراهيم في الكتب الستة، كما في تهذيب الكمال ٧/ ١١٥، ورواية شعبة عنه في الصحيحين (تهذيب الكمال ٧/ ١١٦). ورواية شعبة عن حماد بن أبي سليمان في صحيح مسلم وغيره (تهذيب الكمال ١٢/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>