للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد نَفَى الماءُ أذَى غاسلٍ دَرَنًا.

قالوا: وأما ما احتجَّ به من خالَفنا من إجماعِهم على أن مَن تعمَّد الصلاةَ بثوبِ نجِس فيه نجاسةٌ كثيرةٌ أنه عليه إعادتُها في ثوبٍ طاهر، فإنما ذلك لأنه استخفَّ وعانَد.

قالوا: وقد وجَدْنا من السُّنَن ما تفسُدُ الصلاةُ بتركِها عمْدًا؛ من ذلك الجِلسةُ الوُسطى، هي عندَنا سُنّةٌ وعندَكم، ومَن تعمَّد ترْكَها فسَدت صلاتُه، فغيرُ نكيرٍ أن يكونَ مثلَ ذلك مَن تعمَّد الصلاةَ في الثوبِ النجِس.

قال أبو عُمر: الفرقُ بينَ غَسلِ النّجاسةِ عندَنا وبينَ الجِلْسةِ الوُسطى، أن الصلاةَ تفسُدُ بالسَّهوِ عن الجِلسةِ الوُسطى، إذا لم يذكُرْ ذلك إلا بعدَ خروجِ الوقت، ولا تفسُدُ صلاةُ مَن سهَا فصلَّى بثوبٍ نجِسٍ إذا خرَج الوقتُ؛ فلهذا لا يَصِحُّ الانفصالُ بما ذكَر هذا القائلُ على مذهبِ مالك.

قال أبو عُمر: أمّا حكايةُ أقوالِ الفقهاءِ في هذا جملة؛ فجملةُ مذهبِ مالكٍ وأصحابِه إلا أبا الفرج: أن إزالةَ النجاسةِ من الثيابِ والأبدانِ واجبٌ بالسُّنةِ وجوبَ سُنَّةٍ وليس بفرض (١).

قالوا: ومَن صلَّى بثوبٍ نجِسٍ أعاد في الوقت، فإن خرَج الوقتُ فلا شيءَ عليه.

وقال مالكٌ في يسيرِ الدم: لا تُعادُ منه الصلاةُ في وقتٍ ولا بعدَه، وتعادُ من يَسيرِ البولِ والغائط. ونحوُ هذا كلِّه من مذهبِ مالكٍ قولُ الليثِ بنِ سَعْد (٢).

ومن حُجَّتِهم على استحبابِ الإعادةِ في الوَقْت؛ لأنَّ فاعلَ ذلك مع بقاءِ الوقتِ مستدرِكٌ فضلَ السُّنة في الوقت، ألا ترَى أن مَن صلَّى وحدَه ثم أدرَك


(١) ينظر: التهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ١/ ٢٠٠ (٦٣).
(٢) ينظر: المدوّنة ١/ ١٢٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>