للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأوزاعيُّ في البولِ في الثوب: إذا لم يَجدِ الماءَ تيمَّم وصلَّى، ولا إعادةَ عليه إن وجَد الماء.

ورُوِي عن الأوزاعيِّ أنه إن وجَد الماءَ في الوقتِ أعاد. وقال في القيءِ يُصيبُ الثوبَ ولا يَعلمُ به حتى يُصلِّي: مضَت صلاتُه. وقال: إنما جاءت الإعادةُ في الرَّجيع. قال: وكذلك في دم الحيضِ لا يُعيدُ. وقال في البول: يُعيدُ في الوقت، فإذا مضَى الوقتُ فلا إعادةَ عليه (١).

قال أبو عُمر: أقاويلُ الأوزاعيِّ في هذا البابِ مضطربةٌ لا يَضبِطُها أصلٌ.

وقال اللَّيثُ في البولِ والرَّوْثِ والدم وبولِ الدابّةِ ودم الحيضِ والمنيِّ: يُعيدُ، فات الوقتُ أو لم يفُتْ. وقال في يسير الدم في الثوب: لا يُعيدُ في الوقتِ ولا بعدَه. قال: وسمِعتُ الناسَ لا يَرَون في يسيرِ الدم يُصلّى به وهو في الثوب بأسًا، ويَرَون أن تُعادَ الصلاةُ في الوقتِ من الدم الكثير. قال: والقَيْحُ مثلُ الدم (٢).

قال أبو عُمر: هذا أصحُّ عن الليثِ مما قدَّمنا عنه، وقد أورَدْنا في هذا البابِ أقاويلَ الفقهاءِ وأهلِ الفُتْيا مجملةً ومُفسَّرةً بعدَ إيرادِ الأصلِ الذي منه تفرَّعت أقوالُهم من الكتابِ والسُّنّةِ والإجماع.

والذي أقول به: إنّ الاحتياطَ للصلاةِ واجب، وليس المرءُ على يقينٍ من أدائِها إلا في ثوبٍ طاهرٍ وبَدَنٍ طاهرٍ من النَّجاسة، وموضعٍ طاهر، على حدودِها، فلينظُرِ المؤمنُ لنفسِه ويجتهِدْ.

وأما الفتوَى بالإعادةِ لمَن صَلَّى وحدَه وجاء مُستفتيًا فلا، إذا كان ساهيًا ناسيًا؛ لأنَّ إيجابَ الإعادةِ فرضًا يَحتاجُ إلى دليلٍ لا تَنازُعَ فيه، وليس ذلك موجودًا


(١) تنظر: جملة الأقوال المذكورة في هذا الباب: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٣١ - ١٣٣، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٣٢١ - ٣٢٥.
(٢) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٢ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>