للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ذكَر عبدُ الملك بنُ حبيب (١)، عن حبيبٍ كاتب مالك: قلتُ لمالك: إن سفيانَ زاد في حديثِ ابنةِ غيلانَ أن مُخنَّثًا يقالُ له: هيتٌ. وليس في كتابك هِيتٌ. فقال مالك: صدَق، وهو كذلك، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غرَّبه إلى الحِمَى، وهو موضعٌ من ذي الحُلَيفةِ ذاتِ الشمال من مسجدِها. قال حبيبٌ: وقلتُ لمالك: وقال سفيانُ في الحديث: إذا قعَدت تَبَنَّتْ، وإذا تكلَّمت تغنَّت. قال مالك: صدَق، كذلك هو في الحديث.

قال: وقلتُ لمالك: قال سفيانُ في تفسير: تُقبِلُ بأربع وتُدبِرُ بثمان، يعني مِظَلَّة (٢) الأعراب، مُقدَّمُها أربع، ومَدْبرُها ثمان. فقال مالك: لم يصنَعْ شيئًا، إنا هي عُكَنٌ أربعٌ إذا أقبلَت، وثمانٍ إذا أدبرَت، وذلك أن الظَّهرَ لا تنكسِرُ فيه العُكَنُ.

قال أبو عُمر: كلُّ ما ذكَره حبيبٌ كاتبُ مالك، عن سفيانَ بنِ عيينةَ أنه قال في الحديث، يعني حديثَ هشام بنِ عُروةَ هذا، فغيرُ معروفٍ فيه عندَ أحدٍ من رُواتِه عن هشام، لا ابنِ عيينةَ ولا غيرِه، ولم يَقُلْ سفيانُ في نسَقِ الحديثِ أن مخنَّثًا يُدْعَى هيتٌ، وإنما ذكَرَه عن ابن جُريج بعدَ تمام الحديث، على ما ذكَرناه عن الحُميديِّ عنه، وهو أثبتُ الناس في ابنِ عُيينة، وكذلك قولُه عن سفيانَ أنه كان يقول في الحديث؟ إذا قعَدت تبَنَّت، وإذا تكلَّمت تغنَّت. هذا ما لم يَقلْه سفيانُ ولا غيرُه فيما علِمتُ في حديثِ هشام بن عُروة، وهذا اللفظُ لا يُحفظُ


(١) في الواضحة كما في فتح الباري لابن حجر ٩/ ٣٣٤، وينظر: المنتقى شرح الموطأ للباجي ٦/ ١٨٣.
قلنا: وحبيبٌ كاتبُ مالك: هو ابن أبي حبيب بن رُزيق المصريّ، متروك الحديث.
قال ابن معين: "أشرُّ السماع من مالك عرْضُ حبيب، كان يقرأ على مالك، وإذا انتهى إلى آخر القراءة صفح أوراقًا، وكتب "بلغ"، وعامّة سماع المصريِّين عرْض حبيب". وكذّبه أبو داود وجماعة. ينظر: تهذيب الكمال ٥/ ٣٦٦ - ٣٧٠ (١٠٨٢)، وتقريب التهذيب (١٠٨٧).
(٢) والمِظَلَّة: البيت الكبير من الشَّعْر، وهو أوسع من الخِباء. المصباح المنير (ظلل) ٢/ ٣٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>