للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعائشة (١)، وإليه ذهَب ابنُ عُيينة، والزهريُّ، وجماعةٌ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمَر أربعَ عُمر؛ ثلاثٌ مُفترِقاتٌ، وواحدةٌ مع حَجَّتِه. وهذا على مذهبِ مَن جعَله قارنًا أو متمتعًا، وأمّا مَن جعَله مُفرِدًا في حَجَّتِه، فهو يَنفي أن تكونَ عُمرُه إلا ثلاثًا. وقد ذكَرنا الآثارَ في القِرانِ والتمتعِ والإفرادِ في بابِ ابنِ شهابٍ من هذا الكتاب (٢). وأما ابنُ شهاب - وهو أعلمُ الناس بالسِّير عندَهم - فكان يقول: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اعتَمر ثلاثًا، كلُّهن في ذي القعدة.

حدَّثنا عمرُ بنُ حُسين، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهير، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ المنذرِ الخزاميُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ فُليح، عن موسى بنِ عُقبة، عن ابنِ شهاب، قال: اعتمَر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ عُمَر، اعتَمر من الجُحْفَة عامَ الحديبية، فصدَّه الذين كفَروا في ذي القَعدةِ سنةَ ستٍّ، واعتَمر من العام القبل في ذي القَعدةِ من سنةِ سبعٍ آمنًا هو وأصحابُه، ثم اعتمَر الثالثةَ في ذي القَعدةِ سنةَ ثمانٍ حين أقبلَ من الطائف؛ من الجِعِرَّانة (٣).


= قلنا: إنما اقتصر الترمذي على تحسينه لأنه معلول بهذه العلة، وهي الإرسال. ونقل البيهقي في الكبرى ٥/ ١٣ عن أبي الحسن علي بن عبد العزيز أنه قال: "ليس أحد يقول في هذا الحديث عن ابن عباس إلا داود بن عبد الرحمن"، ثم نقل قول البخاري عن داود فقال يهم في الشيء. وقال الدوري عن ابن معين (تاريخه ٤٣٨): "سفيان بن عيينة أحب إليَّ في عمرو بن دينار من داود العطار، وكذلك قال في رواية ابن الجنيد، لكنه قال: "أثبت" بدلًا من أحب (١٨٣).
وأخرجه مرسلًا ابن سعد في الطبقات الكبير ٢/ ١٧٠ من طريق أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، ولم يذكر عمرة الحج. وأخرجه في ٢/ ١٧٠ عن سعيد بن جبير مرسلًا. ما تقدم يتضح أن من رواه مرسلًا أصح، واللّه أعلم.
(١) أخرجه البخاري (٤٢٥٣) و (٤٢٥٤)، ومسلم (١٢٥٥) (٢٢٠) من حديث عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) في أثناء شرح الحديث العاشر له عن عروة بن الزبير، وقد سلف في موضعه.
(٣) أخرجه البيهقي في دلائل النبوّة ٥/ ٤٦٢ - ٤٦٥ من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، به مطوّلًا. وسيأتي في أثناء شرح الحديث الثالث والخمسين من البلاغات.

<<  <  ج: ص:  >  >>