للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا بابٌ يَحتمِلُ أن يُفرَدَ له كتابٌ، وقد أكثَر العلماءُ والحكماءُ من ذمِّ الغِيبةِ والمُغتاب، وذمِّ النَّمِيمةِ والنمَّام، وجاء عنهم في ذلك من نَظْم الكلام ونَثْرِه ما يطولُ ذِكْرُه، ومَن وُفِّق كفاهُ من الحكمةِ يسيرُها إذا استعمَلها، وما توفيقي إلا بالله. وقد ذكَرنا في كتاب "بهجةِ المجالس" (١) في باب الغِيبةِ من النظم والنثر ما فيه الكفايةٌ، والحمدُ لله.

ومن أحسنِ ما قيل في هذا المعنى قولُ القائل (٢):

إن شرَّ الناسِ من يَكْشِرُ (٣) لي .. حينَ يَلْقاني وإن غبتُ شَتَمْ

ويُحَيِّيني إذا لاقيتُه و .. إذا يخلو له لَحْمِي كَدَمْ (٤)

وكلامٌ سيئٌ قد وُقِرتْ .. منه أُذْنايَ وما بي مِن صَمَمْ في

لا يراني راتعًا في مجلسٍ .. في لحومِ الناسِ كالسَّبع الضَّرِمْ (٥)

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يحيى، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ الله الشافعيُّ ببغدادَ إملاءً، يومَ الجمعةِ سنةَ تسعٍ وأربعينَ وثلاث مئة، قال: حدَّثنا


(١) بهجة المجالس وأُنس المجالس ص ٨٦ - ٨٨.
(٢) وهو المُثقَّب العبدي، وهو العائذ بن محصن بن ثعلبة، من شعراء الجاهلية، والأبيات في ديوانه، ص ٢٢٩ - ٢٣٠ عدا البيت الثاني في لباب الآداب للثعالبي، ص ١٢٤، وخزانة الأدب لعبد القادر البغدادي ١١/ ٨٥.
وعزا بعضهم البيت الأول كالخليل بن أحمد الفراهيدي في العين للمتلمس جرير بن عبد المسيح الضُّبعي، الشاعر الجاهلي المشهور، وهو في ديوانه، ص ٣٢٥.
(٣) والكَشْرُ: بدُوُّ الأسنان عند التبسُّم. تهذيب اللغة للأزهري ١٠/ ٨.
(٤) قوله: "لحمي كَدَم" أي: عضَّه، والكَدْم: العضُّ بأدنى الفم. العين للفراهيدي (باب الكاف والدال والميم معها) ٥/ ٣٣٤.
(٥) الضَّرِم: الجائع. الصحاح (ضرم).

<<  <  ج: ص:  >  >>