للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديث دليلٌ على أنّ الإنسَ والجِنَّ لا يعلمونَ من معنى الساعةِ ما يعرِفُ غيرُهم من الدوابِّ، وهذا أمرٌ تقصُر عنه أفهامُنا، ومن هذا الجنسِ من العِلْم لم يُؤْتَ الناسُ منه إلا قليلًا.

وأما قوله: "وفيه ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ، وهو يُصلِّي يسألُ الله شيئًا إلا آتاهُ اللهُ إيّاه" فقد اختُلِفَ في تلك الساعةِ على حَسَبِ ما قدَّمنا ذِكْرَه في باب أبي الزِّناد (١) من هذا الكتاب، وقولُ عبدِ الله بنِ سَلَام فيها أثبتُ شيء، إن شاءَ الله، ألا ترى إلى رجوع أبي هُريرةَ إلى قولِه وسُكوتِه عندما ألزَمَهُ من الإدخالِ والمُعارَضة، بأنّ مُنتظِرَ الصّلاةِ في صلاة، وهو قولُ أبي هريرةَ وكَعْب.

وقد رُوِيَ بنحوِ قولِ عبدِ الله بنِ سَلَام أحاديثُ مرفوعةٌ قد ذكَرْنا بعضَها هناك، ومنها ما حدَّثناه خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ رَشِيق، قال: حدَّثنا الصّبّاحيُّ (٢)، قال: حدَّثنا يحيى بنُ أبي طالب، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ بكّار، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أبي حُميد، قال: حدَّثنا موسى بنُ وَرْدانَ، عن أنسِ بنِ مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التَمِسُوا الساعةَ التي في يوم الجُمُعةِ بعدَ العَصْرِ إلى غُروبِ الشَّمْس" (٣).


(١) في الحديث الرابع والأربعين له، وهو في الموطأ ١/ ١٦٤ (٢٩٠)، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٢) هو أحمد بن الحسن بن هارون، أبو بكر الخزاز الكوفي، ثم البغدادي.
(٣) أخرجه الترمذي (٤٨٥)، والبزار في مسنده ١٢/ ٣٥٤ (٦٢٥٣)، وابن عديّ في الكامل في ضعفاء الرجال ٦/ ١٩٦، ٣٤٦، والحسن بن رشيق في جزئه (٣١)، وأبو نعيم في تاريخ أصفهان ٤/ ٢٠٨ (١٠٥١)، والبغوي في شرح السُّنة ٤/ ٢٠٨ من طرق عن محمد بن أبي حُميد، به. وإسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد: هو ابن إبراهيم الأنصاري الزُّرقي، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد رُويَ هذا الحديث عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه، ومحمد بن أبي حُميد يُضعَّف، ضعّفه بعض أهل العلم من قِبَل حفظه، ويقال له حمّاد بن أبي حُميد، ويقال: هو أبو إبراهيم الأنصاري، وهو مُنكر الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>