وفيه إنْ سمِعَ الخطأ وجَبَ عليه إنكارُه وردُّه على كلِّ مَنْ سَمِعَه منه إذا كان عندَه في ردِّه أصلٌ صحيحٌ، كأصْلِ أبي هريرةَ في إنكارِه على كعب.
وفيه أنَّ على العالم إذا رُدَّ عليه قولُه طَلَبَ التثبُّتَ فيه والوُقوفَ على صِحَّتِه حيثُ رجاهُ من مواضِعِه حتَّى تصِحَّ له أو يصِحَّ قولُ مُنكِرِه فينصَرِفَ إليه.
وفيه دليلٌ على أنَّ الواجبَ على كلِّ مَن عَرَفَ الحقَّ أن يذْعَنَ إليه، فأمّا قولُ أبي هريرة:"فلقيت بَصْرةَ بنَ أبي بصْرةَ الغفاريَّ" إلى آخرِ قصَّتِه معَه، فهكذا في الحديثِ من رواية مالك:"بَصْرةَ بنَ أبي بَصْرةَ" لم يُختلَفْ عنه في ذلك، ولا عن يزيدَ بنِ الهادِ، وإنّما جاء ذلك من يزيدَ لا من مالكٍ فيما أظُنُّ، والله أعلم.
وغيرُ يزيدَ يقول في هذا الحديث: فلقيتُ أبا بَصْرةَ الغِفاريَّ، وأبو بَصْرةَ اسمُه حُمَيلُ بن بَصْرةَ، وقد سمّاه زيدُ بنُ أسلمَ في حديثه هذا:
حدَّثنا سعيدُ بنُ نصْرٍ وعبدُ الوارثِ بنُ سفيان، قالا: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا زكريّا بنُ يحيى الناقِدُ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ سُليمانَ، عن محمدِ بنِ عبد الرّحمن بن مُجَبَّر، قال: حدَّثنا زيدُ بنُ أسلَم، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقبُريِّ، عن أبي هُريرة، أنه خرَجَ إلى الطُّورِ ليُصَلِّي فيه، ثم أقبلَ فلَقِيَ حُمَيْلًا الغِفاريَّ فقال له حُمَيلٌ: من أينَ جئتَ؟ قال؟ من الطُّور، قال: أما إنِّي لو لَقِيتُكَ لم تأتِه، قال: لمَ؟ قال: لأنِّي سمِعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا تُضرَبُ أكبادُ الإبل إلّا إلى ثلاثةِ مساجد: مَسْجدِ الحرام، ومَسْجدي هذا، ومَسْجدِ بيتِ المَقْدس"(١).
(١) أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة ١/ ١٤٩ - ١٥٠، والطبراني في الكبير ٢/ ٢٧٦ (٢١٥٨)، وفي الأوسط ١/ ٢٦٠ (٨٥٣) من طرق عن سعيد بن سليمان الواسطيّ، به. وإسناده ضعيف جدًّا، فإن محمد بن عبد الرحمن بن مجبَّر: وهو ابن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ضعيف جدًّا، قال عنه ابن معين: "ليس بشيء" وقال أبو زرعة: "واهٍ" وقال البخاري: "سكتوا عنه"، وعن النسائي وجماعة: "متروك". =