للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابُ الغِنَى في الدُّنيا محبوسون يومَئذٍ. وقال: هو بمنزلةِ قوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨، ٨٩]. وبمنزلةِ قوله: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [سبأ: ٣٧].

وقال غيرُ أبي عُبيد (١) في تأويل هذا الحديثِ نحوَ قولِ أبي عبيد وزاد، قال: "الجَدُّ" في هذا الموضع الحظُّ. على ما قدَّمنا ذكْرَه. قال: ومعنى هذا الحديث: لا ينفعُ ذا الحظِّ منك الحظُّ، وإنما ينفعُه العملُ بطاعَتِك. قال: وهو مأخوذٌ من قولِ العرب: لِفُلانٍ جَدٌّ في هذا الأمر، أي: حَظٌّ. واستشهَد بقولِ امرئ القيس (٢):

ألا يا لَهْفَ نَفْسي (٣) إثرَ قَوْمٍ ... همُ كانوا الشِّفاءَ فلمْ يُصَابوا

وَقَاهُم جَدُّهم ببَني أبِيهِم ... وبالأشقَينَ ما كانَ العِقابُ

أراد: وقاهُم حظُّهم.

وقال الأخطلُ (٤):

أعطاكم اللهُ جَدًّا تُنْصَرونَ به ... لا جَدَّ إلا صغيرٌ بعدُ محتقرُ


(١) ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري ١/ ١٩، والمصنِّف إنما ينقل عنه.
(٢) ديوانه، ص ١٣٨.
(٣) في ديوان امرئ القيس "هند"، كما في الأصمعيّات، ص ١٣١، وفي أشعار الشعراء الستة الجاهليين للأعلم الشنتمري، ص ٤ و ٢٠، وشرح المعلّقات السبع للزّوزني.
ووقع في بعض المصادر مثل رواية المصنف، مثل الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ١١٧، والزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري ١/ ١٩.
ويعني بقوله: "ببني أبيهم" بني كنانة حيث حاربهم يحسبهم بني أسد، ثم كفِّ عنهم حين تبيَّن خطأه، وأسد وكنانة أخوان، هما ابنا خزيمة.
(٤) ديوانه، ص ١٧١، وصدره فيه بلفظ:
أعطاهم الله جدًّا يُنصرون به
وهو كذلك في منتهى الطلب من أشعار العرب لمحمد بن المبارك البغدادي، ص ٢٦٣، ورواية المصنّف وقع مثلها في الزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري ١/ ١٩ حيث ينقل منه المصنِّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>