للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتُترَكَ فريضةٌ أنزَلها الله، فيضِلُّوا، فإن الرجمَ في كتاب الله على مَن زنَى إذا أحصَن من الرجالِ والنِّساء، إذا قامت البينةُ، أو كان الحَبَلُ أو الاعتراف. وذكَر الحديثَ بتمامِه (١).

وذكر مالكٌ في "الموطأ" (٢) هذا الكلامَ الآخِر، عن ابنِ شهاب، عن عبيدِ الله، عن ابنِ عباس، أنه قال: سمِعتُ عُمرَ بنَ الخطاب يقول: الرجمُ في كتابِ الله حقٌّ على مَن زنَى من الرجالِ والنساء، إذا أحصَن، إذا قامت عليه البينةُ، أو كان الحَبَلُ أو الاعتراف.

وأجمَع العلماءُ على أنّ البينةَ إذا كانوا شُهودًا أربعةً عُدُولًا، أُقيم الحدُّ على الزاني، وكذلك الاعترافُ إذا ثبَت عليه العاقلُ البالغُ ولم يَنْزعْ عنه.

واختلَفوا في الحَبَل يظهَرُ بالمرأة، هل يكونُ مثلَ البينةِ والاعترافِ أم لا؟ ففي حديثِ عُمرَ هذا التّسويةُ بين البيِّنةِ والاعترافِ والحَبَل؛ فذهب قومٌ إلى أنّ المرأةَ إذا ظهَر بها حمْلٌ ولم يُعلَمْ لها زوجٌ، أن عليها الحدَّ، ولا ينفعُها قولها: إنه من زوج، أو من سيِّد إن كانت أمَةً، إذا لم يُعلَمْ ذلك. قالوا: وهذا حَدٌّ قد وجَب بظهورِ الحَبَل، فلا يُزيلُه إلا يقينٌ من بيِّنةِ نكاح أو ملْكِ يمين.

وقال مالك: إذا وُجِدت امرأةٌ حاملًا فقالت: تزوَّجتُ، أو استكرِهتُ. لم يُقبلْ ذلك منها إلا ببيِّنة، على ما ذكَرتُ لك، أو جاءت تستغيثُ وهي تَدْمَي، أو نحوُ ذلك من فضيحةِ نفسِها، وإلا أُقيم عليها الحدُّ. هكذا رواه ابنُ عبدِ الحكم وغيرُه، عن مالك (٣).


(١) أخرجه ابن حبّان في صحيحه ٢/ ١٥٢ - ١٥٨ (٤١٤) من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جُويرية بن أسماء، به. وإسناده صحيح.
(٢) ٢/ ٣٨٤ (٢٣٨١).
(٣) ينظر: المقدّمات الممهدات لابن رشد ٣/ ٢٥٥، والبيان والتحصيل له ١١/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>