للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: تسليمُ أبي موسى لعائشةَ في هذه المسألةِ دليلٌ على صحةِ رفعِها إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ مثلَ هذا لا يقالُ من جهةِ الرأي، وكذلك قطْعُها رضيَ الله عنها بصِحّة ذلك، ألا تَرى إلى توبيخِها لأبي سَلَمةَ في ذلك.

روى مالكٌ (١)، عن أبي النَّضْرِ مولى عُمرَ بنِ عبيدِ الله، عن أبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرحمن، أنه قال: سألتُ عائشة: ما يُوجِبُ الغسلَ؟ فقالت: هل تَدرِي ما مَثلُك يا أبا سَلَمة؟ مثلُ الفَرُّوج يَسمَعُ الدِّيكةَ تَصرُخُ فيَصرُخُ معها، إذا جاوَز الختانُ الختانَ فقد وجَب الغُسلُ.

قال أبو عُمر: على هذا القول جمهورُ أهل الفتوى بالحجازِ والعراقِ والشام ومصر، وإليه ذهَب مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، وأصحابهم، والليثُ بنُ سَعْد، والأوزاعيُّ، والثوريُّ، وأحمدُ بنُ حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عُبيد، والطَّبَريُّ (٢).

واختلَف أصحابُ داودَ (٣) في هذه المسألة؛ فبعضُهم قال بما عليه الفقهاءُ والجمهورُ على ما وصَفْنا من إيجاب الغُسل بمُجاوزةِ الختانِ الختانَ، ومنهم مَن قال: لا غُسْلَ عليه إلا بإنزالِ الماءِ الدافق. وجعل في الإكْسال الوضوء.


= فقال: "هذا حديثٌ خطأ، إنما يرويه الأوزاعيُّ عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلًا، ونقل عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان أنه قال: "سألت القاسم بن محمد: سمعتَ في هذا الباب شيئًا؟ قال: لا". وقال الدارقطني: "واختلف عن الأوزاعي، فرفعه عنه الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وبشر بن بكر من رواية أبي الرداد عنه. ووقفه ابن أبي العشرين، وأبو المغيرة، وأبو حفص التنيسي، ويحيى بن كثير، ويحيى البابلتي، عن الأوزاعي. وكذلك رواه أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم عن عبد الرحمن بن القاسم موقوفًا". (العلل ٣٤٣٤). وينظر: تلخيص الحبير لابن حجر ١/ ١٣٤.
(١) الموطّأ ١/ ٩٠ (١١٤)، وعنه عبد الرزاق في المصنَّف ١/ ٢٤٦ (٩٤١).
وأخرجه البيهقيُّ في الكبرى ١/ ١٦٦ (٨١٣) من طريق يحيى بن بُكير عن مالك، به.
(٢) ينظر: جامع الترمذي بإثر الحديث (١٠٩)، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٢٠٢، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٥٧.
(٣) ينظر: المحلّى لابن حزم ٢/ ٢ - ٤ و ٢٤، وينظر ما سيأتي بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>