للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في هذا الحديثِ حجّةٌ من أجلِ جابرٍ الجُعفيِّ، وإنما ذكَرناه ليُعرَف، وقد أجمعوا على أنه يُكتبُ حديثُه، واختلَفوا في الاحتجاج به، وكان يحيى وعبدُ الرحمن لا يُحدِّثان عنه، وكان أحمدُ وابنُ معينٍ يضعِّفانه، وشهِد له بالصدقِ والحفظ؛ الثوريُّ، وشُعبة، ووَكيعٌ، وزهيرُ بنُ مُعاوية، وقال وَكيع: مهما شكَكْتُم في شيءٍ فلا تَشُكُّوا أن جابرًا الجُعفيّ ثقةٌ.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ حَكَم (١)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ مُعاوية، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ أبي حسان، قال: حدَّثنا هشامُ بنُ عمار، قال: حدَّثنا عبدُ الحميد، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: أخبَرني عثمانُ بنُ أبي سَوْدة، قال: حدَّثني مَن سمِع عُبادةَ بنَ الصامتِ يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ ليَسْتُرُ العبدَ مِن الذنبِ ما لم يَخرِقْه". قالوا: وكيف يَخرِقُه يا رسولَ الله؟ قال: "يُحَدِّثُ به الناسَ" (٢).

وأما قوله: "إن الآخِرَ زَنَى" فالروايةُ بكسْرِ الخاء، وهو الصوابُ، ومعناه أن الرَّذْلَ الدَّنيء زَنَى (٣)، كأنَّه يدعُو على نفسِه ويَعيبُها بما نزَل به من مُواقَعةِ الزِّنى.

قال أبو عُبيد: ومن هذا قولهم: السؤالُ آخِرُ كسبِ الرجل؛ أي: أرذلُ كسبِ الرجل.

وقال الأخفشُ: كَنَى عن نفسِه، فكسَر الخاءَ، وهذا إنما يكونُ لمَن حدَّث عن نفسِه بقبيح يكرَهُ أن يَنسِبَ ذلك إلى نفسِه.


(١) من هنا إلى قوله: "حدثنا عبد الحميد" سقط من الأصل.
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزُّهد (١٣٤٦) عن طريق عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، به. وقد سلف بهذا الإسناد في أثناء شرح الحديث الموفي خمسين لزيد بن أسلم المرسل.
(٣) وقال القاذي عياض: "ومعناه: الأبْعَد؛ على الذّم. وقيل: الأرْذَل. ومثله في الحديث: "المسألة أخِر كسْبِ الرّجُل" مقصور أيضًا، وإن كان الخطابي قد رواه بالمد وحملَه على ظاهره" المشارق ١/ ٢١. وينظر: غريب الحديث للخطابي ٢/ ٥٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>