كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

يحيى بن سعيد الأنصاري رحمه الله - ٤ - ج: 15 - ص: 53

الأنصاريِّ - وكان عَريفَهم - أن رجلًا قدِم، فحَلَّ ببابِ مَسلمةَ بنِ مَخْلَد، واستَأذَن، فأذِن له، وقال: حُلَّ. قال: لا، ولكن أرْسِلْ معي إلى عقبةَ بنِ عامر. فأرْسَل معه أبا صيّاد، فدخَلُوا على عقبة، فرحَّب به، فقال الرجلُ لعقبة: هل تَذكُرُ مجلِسًا كنا فيه عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن ستَر عورةَ مؤمنٍ كانت له كمَوْؤودةٍ أحْياها؟ " قال عقبة: نعم، لَعَمْري إني لَحاضرٌ ذلك، وسمِعتُه منه. فكبَّر الرجلُ، وقال: لهذا ارْتَحَلْتُ. ورجَع (١).

---

(١) أخرجه ابن مندة في فتح باب الكنى والألقاب، ص ٤٤٣ (٤٠١٧) في ترجمة أبي صفارة الأنصاري، وقال: سمع عقبة بن عامر، وساق له هذا الحديث من طريق حجّاج بن إبراهيم الأزرق، عن عبد الله بن وهب المصري، عن عمرو بن الحارث، عن أبيه، عن أبي صفارة الأنصاري، أنه سمع عقبة بن عامر، فذكره. وليس في الإسناد عنده "عن مولى لخارجة"، وقال: "عن أبي صفارة الأنصاري" بدل: "أبي صياد الأنصاري" إلا أنه ترجم لهذا الأخير، ص ٤٤٤ (٤٠٢٤) وقال: "حدّث عن مسلمة، روى حديثه الحارث بن يعقوب - يعني والد عمرو بن الحارث المذكور في هذا الإسناد - عن مولى خارجة، عنه، عداده في المصريِّين، قاله لي أبو سعيد بن يونس. وقال بعضهم: أبو صفارة، وهو وهمٌ".
وأخرجه أبو يعلى في مسنده كما في إتحاف الخيرة للبوصيري ١/ ٢١٣ (٣/ ٢٩٦)، والمطالب العالية لابن حجر ١٢/ ٦٩٧ (٣٠٧٨) من طريق عبد الملك بن فارغ، عن أبي صيّاد الأسود الأنصاري، به. وإسناده ضعيف، لجهالة مولى خارجة، وأبي صياد الأسود الأنصاري، فلم يذكره سوى ابن مندة، وقد وقع اضطراب في اسمه، وزاد هذا الاضطراب أن أبا الشيخ أخرجه في التوبيخ والتنبيه (١٢١) عن أبي يعلى بالإسناد نفسه إلّا أنه قال فيه: "عن عبد الملك بن عمير، أنّ أبا حمّاد أخبره ... ".
كما أنه اختُلف فيه على عبد الله بن وهب، فقد أخرجه النسائي في الكبرى ٦/ ٤٦٤ (٧٢٤٢) عن يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عمرو بن السرح، عن ابن وهب، عن إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن كثير مولى لعقبة بن عامر، عن عقبة. وسيأتي قريبًا.
وأخرجه الحاكم في المستدرك ٤/ ٣٨٤ من طريق بحر بن نصر، عن ابن وهب، عن إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن كثير مولًى لعقبة بن عامر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره مرسلًا.
ويُروى بأسانيد أخرى ضعيفة. ويغني عنه حديث أبي صالح ذكوان السمّان عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو عند مسلم وغيره، وسيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه.