للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعيُّ: تُجْزئُ عن صاحبِها، ويضمَنُ الذابحُ النقصانَ (١).

وروَى ابنُ عبدِ الحكم، عن مالكٍ: إن ذبَح رجلٌ ضَحِيّةَ رجلٍ بغير أمرِه لم تُجْزِئْ عنه، وهو ضامنٌ لضَحيَّته، إلّا أن يكونَ مثلَ الولد أو بعضَ العِيَال، إنّما ذَبَحوها على وَجْه الكفايةِ له، فأرجُو أنْ تُجْزئَ. وقال ابنُ القاسم عنه: إذا كانوا كذلك فإنّها تُجْزِئُ. ولم يقل: أرجو.

وإن أخْطَأ رجلان فذبَح كلُّ واحدٍ منهما ضحيّةَ صاحبه، لم تُجْزِئْ عن واحدٍ منهما في قول مالكٍ وأصحابِه، ويَضْمَنُ عندَهم كلُّ واحدٍ منهما قيمةَ ضحيّة صاحبه. لا أعلمُ خلافًا بين أصحاب مالكٍ في الضَّحايا.

وأمّا الهَدْيُ فاختُلِف فيه عن مالكٍ، والأشهرُ عنه ما حكاه ابنُ عبد الحَكَم وغيرُه، أنّه لو أخطَأ رَجُلان كلُّ واحدٍ منهما بهَدْي صاحبِه، أجْزَأهما، ولم يكنْ عليهما شيءٌ. وهذا هو تحصيلُ المذهبِ في الهَدْي خاصّةً، وقد رُوِي عن مالكٍ في المُعتَمِرَيْن إذا أهدَيا شاتَيْن فذبَح كلُّ واحدٍ منهما شاةَ صاحبِه خَطَأً، أنّ ذلك لا يُجزئُ عنهما، ويضمَنُ كلُّ واحدٍ منهما قيمةَ ما ذَبَح، وائْتَنَفا الهديَ.

وقال الشافعيُّ: يضمَنُ كلُّ واحدٍ منهما ما بينَ قيمة ما ذَبَح حيًّا ومَذْبوحًا، وأجْزَأتْ عن كلِّ واحدٍ منهما أُضْحيَتُه أو هَدْيُه (٢).

وقال الطبريُّ: يُجزِئُ عن كلِّ واحدٍ منهما أضحيتهُ، أو هدْيُه، التي أوجَبَها، ولا شيءَ على الذَّابح؛ لأنّه فعَل ما لا بُدَّ منه، ولا ضمانَ على واحدٍ منهما، إلّا أنْ يَسْتَهلِكَ شيئًا من لحمِها، فيضمَن ما استهلَكَ.

وقال ابنُ عبد الحكم أيضًا عن مالكٍ: لو ذَبَح أحدُهما - يعني المعتمِرَيْن - شاةَ صاحبِه عن نفسه، ضَمِنها، ولم تُجْزِئْه، وذَبَح شاتَه التي أوجَبَها، وغَرِم لصاحبه


(١) الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٢٨.
(٢) نقل أبو الحسن الماوردي في الحاوي الكبير ١٥/ ٢٥٧ قول الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>