وأخرجه البخاري (٥٧٠٥) من طريق محمد بن فضيل، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، به موقوفًا على عمران بن حصين. بخلاف روايته عند الطبراني السالف ذكرها أثناء هذا التخريج حيث أخرجها من طريقه عن حصين، به مرفوعًا، كما وافقه غير واحد ممن ذكرنا رواياتهم، ورواية الجماعة هي الأرجح. وسبق القول في التعليق قبل السابق أن مسلمًا أخرج هذا الحديث من طريق هشيم، عن حصين، عن الشعبي، عن بُريدة بن الحصيب موقوفًا عليه، وقد رجّح المِزِّيُّ في تحفة الأشراف ١/ ٢٥٠ (٩٣٩) و ٢/ ٧٧ (١٩٤٥) أن الحديث حديث عمران بن حصين فقال: "وهو المحفوظ"، وأما ابن حجر فقال في الفتح ١٠/ ١٥٦: "والمحفوظ رواية حصين مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه، وهل هو عن عمران أو بريدة، والتحقيق أنَّه عنده عن عمران وبريدة جميعًا"، ويبدو أن البخاريَّ ومسلمًا قد أخرجا هذا الحديث المشتمل على رواية حصين عن الشعبي وأرادا رواية سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما التي سلمت من الاختلاف، وأن رواية حصين عن الشعبي إنما وقعت عرضًا في سياق هذا الحديث، وإلى هذا أشار العينيُّ في عمدة القاري ٢١/ ٢٤٤ فيما نقله عن صاحب التلويح بقوله: "في هذا علّتان: الأولى: انقطاعٌ بين عامر الشعبيِّ وعمران، قال البخاري في بعض نسخ كتابه: استفدنا من هذا أنّ حديث عمران مرسل، وحديث ابن عبَّاس مسندٌ. الثانية: هو مع إرساله موقوف، والوقف علّة عند جماعة من العلماء". وقد أكّد هذا المعنى الذي ذكرناه الحافظ ابن حجر في الفتح ١٠/ ١٥٦ بقوله: "ووقع لبعض الرواة عن البخاري، قال: حديث الشعبيِّ مرسل، والمسند حديث ابن عبَّاس، فأشار بذلك إلى أنه أورد حديث الشعبيِّ استطرادًا ولم يقصد إلى تصحيحه، ولعلّ هذا هو السِّرُّ في حذْفِ الحُميديِّ له من الجمع بين الصحيحين، فإنه لم يذكُرْهُ أصلًا، ثم وجدت في نسخة الصغانيِّ: قال أبو عبد الله - هو المصنِّف -: إنما أردنا من هذا حديثٌ ابن عبَّاس، والشعبيّ عن عمران مرسل". وينظر: علل الدارقطني ١٢/ ١٠٩ - ١١٠ (٢٤٩٠).