للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مالكٌ يقولُ في صلاةِ الخوفِ بحديثه عن يزيدَ بنِ رُومان (١)، ثم رجَع إلى حديثه هذا عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، وإنما بينَهما انتظارُ الإِمام الطائفةَ الثانيةَ حتى تُتمَّ، فيُسلِّمَ بهم، هكذا في حديثِ يزيدَ بنِ رومان.

وفي حديث يحيى: أنَّه يسلِّمُ إذا صلَّى بهم الرَّكْعةَ الثانية، ثم يقومون فيركَعون لأنفُسهم.

وقد ذكَرنا هذه المسألةَ مجوَّدةً في باب يزيدَ بنِ رومانَ من هذا الكتاب، وذكَرنا اختلافَ الآثار واختلافَ فقهاءِ الأمصارِ في صلاةِ الخوفِ ممهَّدًا مبسوطًا مجوَّدًا (٢) في باب نافع من هذا الكتاب (٣)، فلا وجهَ لإعادة ذلك هاهنا.

وأما حديثُ سَهْلِ بنِ أبي حَثْمة هذا، فاختُلِف فيه على خمسة أوجه؛ منها:

الوجهان اللذان عندَ مالكٍ عن يزيدَ بنِ رومان، وعن يحيى بنِ سعيد، على ما ذكَرنا من اختلافِهما في انتظارِ الإِمام الطائفةَ الثانيةَ حتى تُتمَّ ركعتَها، ثم يسلَّمَ بها.

والوجه الثالث: هو أنَّ الإمامَ ينتظرُ الطائفةَ الأخرى قاعدًا، فإذا كبَّروا خلفَه قام وصلَّى بهم رَكْعةً وسجْدَتَين، ثم قعد حتَّى يقضُوا رَكْعة، ثم يسلِّمُ بهم. ففي هذا الوجهِ وهذه الروايةِ أنَّ الإمامَ ينتظرُ الطائفة الأخرى قاعدًا، واتَّفق حديثُ يزيدَ بنِ رومانَ ويحيى بنِ سعيدٍ هذا على أنَّ الإمامَ إنما ينتظرُهم قائمًا.

والوجه الرابع: أنَّ الإمامَ يَصُفُّ الطائفتين خلفَه صفَّين، فيُحرِمُ بهم، ثم يركَعُ ويسجدُ بالذين يلونَه، ثم يقومُ قائمًا حتى يصلِّي الصفُّ الذي خلفَهم رَكْعة،


(١) هو في الموطأ ١/ ٢٥٦ (٥٠٣)، وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٢) هذه اللفظة لم ترد في الأصل.
(٣) وهو مولى عبد الله بن عمر، وهو الحديث الثامن والخمسون له عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطأ ٢/ ٢٥٨ (٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>