للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أن الله عزَّ وجلَّ إنما يقبلُ من الصّدقات ما طاب كَسْبُه، وأُريدَ به وجهُه، والكسبُ (١) الطيِّبُ: هو الحلالُ المحْضُ أو المتشابه؛ فإن المتشابه عندَنا في حيِّز (٢) الحلال، بدلائلَ قد ذكَرناها في غير هذا الكتاب، وللعلماءِ في المُتشابه أقاويل، أشبَهُها عندَنا من جهةِ النَّظَر ما ذكَرنا، وبالله توفيقنا.

ومعنى هذا الحديث يعضُدُه قولُ الله عزَّ وجلَّ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦].

قيل لبعض العلماء: إن الله قال: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}. وإنّا نرى أصحابَ الرِّبا تَنمي أموالهم! فقال: إنما يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا حيث يُرْبي الصدقاتِ ويُضَعِّفُها، وذلك في القيامةِ إذا نظَر العبدُ إلى أعمالِه (٣)، فرآها مَمْحوقةً أو مُضاعَفة. أو (٤) كما قال.

روَى وَكيعٌ، عن عبّادِ بنِ منصور، عن القاسم بنِ محمد، عن أبي هُريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ العبدَ إذا تَصَدَّق بصَدَقةٍ وضعَتْ في كفِّ الرّحمن قبلَ أن تقعَ في كَفِّ السائل". قال: "فيُربِّيها كما يُربِّي أحدُكم فَصيلَه أو فَلُوَّه، حتى أن اللُّقمةَ لتَصيرُ مثلَ أُحُد". ثم قرأ: " {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} " (٥).

وفي قولِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ" (٦)، دليلٌ على عظيم فَضْل الصَّدَقة.


(١) قوله: "والكسب" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ي ٢.
(٢) في الأصل: "خبر"، والمثبت من ي ٢.
(٣) ينظر: شرح الزرقاني ٤/ ٦٦٤.
(٤) "أو" سقطت من الأصل.
(٥) سلف تخريجه قريبًا.
(٦) أخرجه البخاري (١٤١٧)، ومسلم (١٠١٦) من حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه، وسلف تمام تخريجه أثناء شرح الحديث الثالث والعشرين لزيد بن أسلم عن ابن بُجيد الأنصاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>