للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعيُّ: وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "هي خيرُ نَسيكَتَيْك". لأَنَّكَ ذَبحتَهما تَنوي نسيكَتَيْن، فلمّا ذبَحتَ الأولى قبلَ وقتِ الذبح، كانت الأخرى هي النَّسيكة، والأول غيرَ نسيكة، وإن نويتَ بها النسيكة.

وقوله: "لن تُجزئَ عن أحدٍ بعدَك". أنها له خاصة. وقوله: عناقُ لبن. يعني عَناقًا تُقتَنَى للَّبن.

وأخبرنا إبراهيمُ بنُ شاكر، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ يحيى قال: قال أخبرنا أحمدُ بنُ بهزادَ بنِ مِهْرانَ السِّيرافيُّ، قال: حدَّثنا الرَّبيعُ بنُ سُليمانَ في كتاب "البُوَيطيِّ" عن الشافعيِّ، قال: قال الشافعيُّ: ولا يَذبَحُ أحدٌ حتى يَذبحَ الإمام، إلا أنْ يكونَ ممّن لا يَذبحُ؛ فإذا صلَّى وفرَغ من الخطبة، حلَّ الذَّبْحُ. قال: وينبغي للإمام أن يُحضِرَ ضحيَّتَه المصلَّى فيَذبحَ حينَ يَفرُغُ من الخُطبة، فإنْ لم يَفعَلْ، فليَتوَخَّ الناسُ قَدْرَ انصرافِه وذبحِه، ومَن ذبَح قبلَ الإمام فلا ضحيةَ له، وأُحِبُّ له أن يُضَحِّي بغيرِها، فإنْ لم يَفعَلْ فلا شيءَ عليه ولا ضحيةَ له.

قال أبو عُمر: ومثلُ قول الشافعيِّ في هذا كلِّه قولُ مالك (١).

وقال أحمدُ بنُ حنبل: إذا انصرَف الإمامُ فاذْبَح. وهو قولُ إبراهيمَ.

وقال إسحاقُ: إذا فرَغ الإمامُ من الخُطبةِ فاذْبَحْ (٢). واعتبرَ الطبريُّ قَدْرَ مُضيِّ وقتِ صلاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وخُطبتِه بعدَ ارتفاع الشمس. وحكَى المزنيُّ (٣) نحوَه عن الشافعيِّ.


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٥٤٦ - ٥٤٧، والأمّ للشافعي ٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن إبراهيم الكوسج ٨/ ٤٠١٤ (٢٨٥٤).
(٣) في مختصره ٨/ ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>