للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنّه ممكنٌ أن يُدرِكَ عُوَيْمرَ بنَ أشقر، فقد روَى هذا الحديثَ عبدُ العزيز الدَّراورديُّ، عن يحيى بنِ سعيد، عن عبّادِ بنِ تميم، أنَّ عُوَيْمرَ بنَ أشقرَ أخبَره، أنه ذبَح قبلَ الصلاة، وذكَر ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَما صلَّى، فأمَره أن يُعيدَ ضَحِيَّتَهُ (١). وهذه الروايةُ مع روايةِ حَمّادِ بنِ سَلَمةَ تدُلُّ على غَلَطِ يحيى بن معين، وقولُه في ذلك ظنٌّ لم يُصِبْ فيه (٢)، واللهُ أعلم.

ولا خلافَ بينَ العلماءِ أنَّ مَن ذبَح أُضحيتَه قبل أنْ يَغدُو إلى المصلَّى ممن عليه صلاةُ العيد، فهو غيرُ مُضَحٍّ، وأنه ذبَح قبلَ وقتِ الذَّبْح، وكذلك مَن ذبَح قبلَ الصلاة، وإنما اختلَفوا فيمَن ذبَح بعدَ الصلاةِ وقبلَ ذبح الإمام، وقد ذكَرنا ذلك فيما تقدَّم من هذا الكتاب في باب يحيى، عن بُشَيرِ بنِ يسار (٣)، والحمدُ لله.


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٤/ ١٩٠ (٢١٧١) وقرن بعبد العزيز بن محمد الدراورديِّ أنسَ بن عياض.
(٢) لم ينفرد يحيى بن معين بهذا القول، فقد تابعه على ذلك البخاري فيما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير ١/ ٢٤٨ فقال بعد أن أخرج الحديث (٤٤٨) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض الليث، عن يحيى بن سعيد، به، قال: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: الصحيح عن عبّاد بن تميم مُرْسلًا: أنّ عُويمرَ بن أشقرَ ذبح قبل أن يغدُوَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ولا أعرفُ لعُويمرِ بن أشقَرَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولا أعرف أنه عاش بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -".
قلنا: ومما يدلُّ على ذلك أن رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي السالف تخريجها عند ابن أبي عاصم فيها: "أن عبّاد بن تميم أخبره عن عويمر بن أشقر" فالضمير في "أخبره" يعود على عبّاد بن تميم لا على عويمر بن أشقر، ونحو ذلك وقع في إسناد الترمذيّ في العلل ففيه: "عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عبّاد بن تميم، عن عُويمر"، وهذا يُرجِّج ما ذهب إليه ابن معين والبخاريُّ، والله تعالى أعلم.
(٣) وهو الحديث الموفي عشرين ليحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطأ ١/ ٦٢١ (١٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>