للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، ما لي إن قاتلتُ في سبيلِ الله حتى أُقتَلَ؟ قال: "الجنة". فلمّا ولَّى الرجلُ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كِرُّوه عليَّ". فلمّا جاءه قال: "إنَّ جبريلَ قال: إلا أن يكونَ عليه دَيْنٌ" (١).

وروَى سعيدُ بنُ سُليمان، قال: حدَّثنا المباركُ بنُ فَضالة، عن كثيرٍ أبي محمد، عن البَرَاء، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صاحبُ الدَّينِ مأسورٌ يومَ القيامةِ يَشْكُو إلى الله الوَحْدَة" (٢).

قال أبو عُمر: كثيرٌ أبو محمد: هو كثيرُ بنُ أعينَ المراديُّ، بصْريٌّ.

ومنها: أنَّ المرءَ يُحبَسُ عن الجنّةِ من أجل دَيْنِه حتى يقعَ القِصاص.

ومنها: أنَّ القضاءَ عن الميتِ بعدَه في الدنيا ينفَعُ الميتَ في الآخرة.

ومنها: أنَّ الميتَ إنما يُحبَسُ عن الجنةِ بدَينِه إذا كان له وفاءٌ ولم يُوصِ به ولم يُشهِدْ عليه، والوصيةُ بالدَّيْنِ فرض عندَ الجميع إذا لم تكن عليه بينةٌ؛ فإذا لم يُوصِ به كان عاصيًا، وبعصيانِه ذلك يُحبَسُ عن الجنَّة، واللهُ أعلم.

وفي قوله في هذا الحديث: "أعْطِها فإنها صادقةٌ" دليلٌ على أن الحاكمَ يَقضي بعِلْمِه، وقد تكلَّمنا على هذا المعنى في غير هذا الموضع، والدَّيْنُ الذي يُحبَسُ به


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ١٨٥ (٩٣١)، وابن قانع في معجم الصحابة ٣/ ٢٠، والطبراني في الكبير ١٩/ ٢٤٨ (٥٥٨)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ١/ ١٦٣ (٦٢٧) من طرق عن أنس بن عياض، به. وإسناده حسن، محمد بن أبي يحيى: هو الأسلمي المدنيّ، ثقة كما في تحرير التقريب (٦٣٩٥).
(٢) أخرجه الرُّوياني في مسنده (٤٢٩)، والدّينوري في المجالسة (٢١٣)، والطبراني في الأوسط ١/ ٢٧٤ (٨٩٣)، والبغويّ في شرح السُّنة ٨/ ٢٠٣ (٢١٤٨) من طرق عن سعيد بن سليمان الضبيِّ، به. وإسناده ضعيف، المبارك بن فضالة صدوق ويدلِّس ويُسوِّي كما في التقريب (٦٤٦٤)، وشيخه كثير أبو محمد: هو البصري كما سيذكر المصنِّف، مجهول الحال، فقد روى عنه اثنان فقط، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات كما في تحرير التقريب (٥٦٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>