للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَر مالكٌ (١)، عن أبي بكرِ بنِ عثمانَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيف، أنه سَمِع أبا أمامةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيف يقول: كنّا نشهَدُ الجنائزَ، فما يَجلِسُ آخرُ الناس حتى يُؤذَنوا. وهذا عندي لم يدخلْ في المَنْسوخ؛ لأنَّ النسخَ إنما جاء في القيام للجِنازةِ عند رؤيتِها إذا شُيِّعت حتى تُوضَعَ، وقد كان من أهل العلم جماعةٌ يذهَبون إلى نسْخِ القيام على القبرِ وغيرِه في الجنائز. وأظنُّهم ذهَبوا إلى أن القيامَ كلَّه في الجنائز منسوخٌ؛ لقول عليٍّ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقومُ في الجنائز، ثم قعَد بعْدُ. ومن ها هنا، واللهُ أعلم، قال أبو قلابة: قيامُ الرجلِ على القبرِ حتى يُوضَعَ الميتُ في اللَّحدِ بدعةٌ (٢). وقد جاء عن عليٍّ، وهو راوي حديثِ النّسخ، ما يدُلُّ على أنَّ القيامَ على اللَّحدِ لم يدخلْ في النَّسْخ.

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا ابنُ أبي دُليم (٣)، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا أبو مروانَ عبدُ الملك بنُ حبيبٍ المِصِّيصيُّ، قال: حدَّثنا ابنُ المبارك (٤)، عن قيسِ بنِ سُلَيم (٥)، عن عُميرِ بنِ سعيد (٦): أنَّ عليًّا قام على قبرِ ابنِ المُكَفَّف، فقيل له: ألا تجلِسُ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: قليلٌ لأخينا قيامُنا على قبرِه (٧).


(١) الموطّأ ١/ ٣٢٠ (٦٢٨).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٦١ (٦٣١٨) عن معمر بن راشد، عن أيوب السختياني، عنه.
(٣) هو محمد بن عبد الله بن أبي دليم، وشيخه ابن وضّاح: هو محمد بن وضّاح بن بزيع.
(٤) هو عبد الله.
(٥) في الأصل: "مسلم"، خطأ بيّن، وينظر: تهذيب الكمال ٢٤/ ٥٣.
(٦) في الأصل: "سَعْد"، خطأ، فهو عمير بن سعيد النخعي الصهباني الكوفي. تهذيب الكمال ٢٢/ ٣٧٦.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١١٨٧٨) عن وكيع بن الجراح، عن قيس بن سُليم العنبريّ، به.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير ٧/ ١٥٦ (٧٠١) في ترجمة قيس بن سُليم العنبري. ورجال إسناده ثقات. عُمير بن سعيد: هو النخعي الصُّهباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>