للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي ومجالد، عن عامرٍ الشعبيِّ، عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ قال: انطلَق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معه العباسُ عمُّه إلى السبعين من الأنصار عندَ العقبةِ تحتَ الشجرة، فقال: ليتكلَّم متكلِّمُكم، ولا يُطيلُ الخطبة؛ فإنَّ عليكم من المشركين عَيْنًا، وإن يعلَموا بكم يَفضَحوكم. قال قائلُهم، وهو أبو أمامة: سلْ يا محمدُ لربِّك ما شئتَ، وسلْ لنفسِك ولأصحابِك ما شئتَ، ثم أخبرْنا بما لنا من الثواب على الله إذا فعَلْنا ذلك. قال: "أسألُكم لربِّي أن تعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأسألُكم لنفسي ولأصحابي أن تُؤوونا وتَنصُرونا وتَمنعُونا مما مَنَعتُم منه أنفسَكم". قالوا: فما لنا إذا فعَلْنا ذلك؟ قال: "لكم الجنةُ". قالوا: فلك ذلك. قال الشعبيُّ: وكان أبو مسعودٍ أصغرَهم.

قال أحمدُ بنُ حنبل (١): وحدَّثني يحيى بن زكريا، قال: حدَّثني إسماعيلُ بنُ أبي خالد، قال: سمِعتُ الشعبيَّ يقول: ما سمع الشِّيبُ ولا الشُّبّانُ خطبةً مثلَها.

قال أبو عُمر: هذه البيعةُ التي انفرَد بها الأنصارُ بهذا اللفظ وهذا المعنى، وسائرُ البيعاتِ التي ذكَر عُبادةُ وغيرُه هي بيعاتٌ كمبايَعاتِ الناس؛ قريشٍ والأنصارِ وسائرِ أفْناء (٢) العرب ممّن دخَل في الإسلام، والله أعلم.


= وأخرجه البيهقي في دلائل النبوَّة ٢/ ٤٥١ من طريق أحمد بن حنبل بالإسناد المذكور في المسند، به. ولم يَسُق لفظَه كأحمد، وأحالا به على الرواية المرسلة. مجالد: هو ابن سعيد وهو ضعيف، وزكريا بن أبي زائدة - وإن كان مدلسًا عن عامر الشعبيِّ خاصة، وقد رواه بالعنعنة - إلّا أنه تابعه إسماعيل بن أبي خالد كما في الرواية التي عند أحمد في المسند ٢٨/ ٣١١ (١٧٠٨٠)، وهي وإن كانت مرسلة، إلّا أنّ مرسلُ الشعبيِّ صحيح، قال أحمد بن حنبل والعجليُّ كما في تذكرة الحفاظ للذهبيِّ ١/ ٦٣: "مرسل الشعبيِّ صحيحٌ، لا يكاد يُرسل إلا صحيحًا".
وقال الدارقطني في العلل (١٠٦٠): "رواه عبد الرحيم بن سليمان، عن مجالد، عن الشعبي، عن أبي مسعود. وأرسله غيره، عن مجالد عن الشعبي. وروى بعض هذا الحديث سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند وجابر، عن الشعبي، عن جابر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصار، وهو الصحيح".
(١) في المسند ٢٨/ ٣١١ (١٧٠٨٠).
(٢) في م: "أبناء" وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>