للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على العُسرِ واليُسر، والمَكرهِ والمَنشَط، وألّا نُنازعَ الأمرَ أهلَه، وأن نقومَ، أو نقولَ، بالحقِّ حيثُما كُنّا، لا نخافُ في الله لومةَ لائم (١).

وهذا هو الصحيحُ في إسنادِ هذا الحديثِ إن شاء الله.

وأما قوله فيه: "بايعْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة" فقولٌ مجمَلٌ، يفسِّرُه حديثُ مالك (٢)، عن عبدِ الله بنِ دينار، عن ابنِ عُمرَ، قال: كنّا إذا بايعْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعةِ يقول لنا: "فيما استطعْتُم". وكذلك كان أخْذُه على النِّساءِ في البيعة، كان يقولُ لهنَّ: "فيما استَطَعتُنَّ وأطَقْتُنَّ" (٣). وهذا كلُّه يتضمَّنُه قولُ الله عزَّ وجلَّ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]. ولا يلزَمُ من طاعةِ الخليفةِ المبايَع إلّا ما كان في المعروف؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكنْ يأمرُ إلّا بالمعروف، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الطاعةُ في المعروف" (٤). وأجمع العلماءُ على أنَّ من أمَر بمنكرٍ لا تَلزَمُ طاعتُه، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢].

حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله (٥)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ مُعاوية، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ أبي حَسّان، قال: حدَّثنا هشامُ بنُ عَمار، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم،


(١) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/ ٣٣٨ (٢٦٧١)، والنسائي في المجتبى (٤١٥٠)، وفي الكبرى ٧/ ١٦٩ (٧٧٢٣) من طريق الليث بن سعد، به. وإسناده صحيح.
(٢) الموطّأ ٢/ ٥٧٨ (٢٨١١)، وهو الحديث الثالث لعبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٣) أخرجه مالكٌ في الموطّأ ٢/ ٥٧٨ (٢٨١٢) عن محمد بن المنكدر، عن أُميمة بنت رُقيقة. وهو الحديث الثاني لمحمد بن المنكدر، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٥٦ - ٥٧ (٦٢٢)، والبخاري (٤٣٤٠) و (٧١٤٥)، ومسلم (١٨٤٠) من حديث أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن عليٍّ رضي الله عنه.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن حكم الأموي، أبو عبد الله المعروف بابن البقري، وشيخه محمد بن معاوية: هو القرشي الأموي المعروف بابن الأحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>