للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قوله في هذا الحديث: "ومنّا من يَنتَضِلُ" فإنه يريدُ الرميَ إلى الأغراض.

وقوله: "ومنّا من هو في جَشَرِه" يريدُ أنه خرَج في إبلِه يرعاها.

حدَّثنا أحمدُ بنُ فتح وعبدُ الرحمنِ بنُ يحيى، قالا: حدَّثنا حمزةُ بنُ محمدِ بنِ عليٍّ، قال: حدَّثنا أبو محمدٍ إسحاقُ بنُ بُنانِ بنِ مَعْنٍ الأنماطيُّ البغداديُّ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ حَمّاد، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ عيّاش، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح، عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَعِسَ عبدُ الدِّينار، وعبدُ الدرهم، وعبدُ القطيفة، وعبدُ الخَميصَة؛ إن أُعطيَ رضي، وإن لم يُعْطَ لم يَفِ" (١).

وأما قوله: "وأن نقوم، أو نقول، بالحقِّ" فالشكُّ من المحدِّث، إمّا يحيى بنُ سعيد، وإما مالكٌ، فإنه لم يُختلَفْ عن مالكٍ في ذلك، وفي ذلك دليلٌ على الإتيانِ بالألفاظِ ومُراعاتها، وقد بيَّنّا هذا المعنى في كتاب "العلم" (٢).

وأما قوله: "لا نخافُ في الله لومةَ لائم" فقد أجمَع المسلمون أن المنكَرَ واجبٌ تغييرُه على كلِّ مَن قدَر عليه، وإنه إذا لم يَلحَقْه في تغييرِه إلا اللومُ الذي لا يَتعدَّى إلى الأذى، فإن ذلك لا يَجبُ أن يَمنعَه من تغييرِه بيدِه، فإن لم يَقدِرْ فبلسانِه، فإن لم يَقدِرْ فبقلبِه، ليس عليه أكثرُ من ذلك، وإذا أنكَره بقلبه فقد أدَّى ما عليه إذا لم يَستَطِعْ سوى ذلك، والأحاديثُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تأكيدِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي


(١) أخرجه ابن ماجة (٤١٣٥)، وأبو يعلى في معجمه (١٣٤)، وعنه ابن حبّان في صحيحه ٨/ ١٢ (٣٢١٨) ثلاثتهم عن الحسن بن حمّاد سجّادة، به.
وأخرجه البخاري (٢٨٨٦) و (٦٤٣٥)، والبزار في مسنده ١٥/ ٣٩١ (٩٠٠٩)، وابن الأعرابي في الزهد (١٣٣)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٢٤٥ (٢١٦٨٠) من طرق عن أبي بكر بن عياش، به. أبو حصين: هو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
(٢) جامع بيان العلم وفضله، (باب الأمر بإصلاح اللَّحن والخطأ في الحديث وتتبُّع ألفاظِه ومعانيه ١/ ٣٣٩ - ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>