للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا أبي، قال (١): حدَّثنا هاشمٌ (٢)، قال: حدَّثنا عيسى بنُ المسيِّب البَجَليُّ، عن الشعبيِّ، عن كَعْبِ بنِ عُجْرة، قال: بينما نحن جلوسٌ في مسجدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْنِدي ظُهورِنا إلى قِبْلةِ مسجدِه سبعةُ رهْطٍ؛ أربعةٌ من موالينا، وثلاثةٌ من عرَبنا، إذ خرَج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الظُّهرِ حتى انتهى إلينا فقال: "ما يُجلِسُكم ها هنا؟ ". قلنا: يا رسولَ الله، ننتظرُ الصلاةَ. قال: فأرمَّ (٣) قليلًا، ثم رفَع رأسَه فقال: "أتدرون ما يقولُ ربُّكم تبارَك وتعالى؟ ". يقول: مَن صلَّى الصلاةَ لوقتِها، وحافَظ عليها، ولم يُضيِّعْها استِخْفافًا بحقِّها، فله عليَّ عهدٌ أن أُدخِلَه الجنةَ، ومَن لم يُصلِّها لوقتِها، ولم يحافظْ عليها، وضيَّعها استخفافًا بحقِّها، فلا عهدَ له، إن شئتُ عذَّبتُه، وإن شئتُ غفرتُ له".

قال أبو عُمر: ذهبت طائفةٌ من أهلِ العلم إلى أنَّ معنى حديثِ عبادةَ المذكورِ في هذا الباب، ومعنى حديثِ كَعْبِ بنِ عُجْرة هذا: أن التضييعَ للصلاةِ الذي لا يكونُ معه لفاعلِه المسلم عندَ الله عهدٌ هو أن لا يُقيمَ حُدودَها من مُراعاةِ وقتٍ وطهارة، وتمام رُكوع وسُجود، ونحوِ ذلك، وهو مع ذلك يصلِّيها ولا يمتنعُ من القيام بها في وقتِها وغيرِ وقتِها، إلا أنه لا يحافظُ على أوقاتها.

قالوا: فأمّا من ترَكها أصلًا ولم يُصلِّها فهو كافرٌ. قالوا: وتركُ الصلاةِ كفرٌ. واحتجُّوا بآثار؛ منها حديثُ أبي الزُّبير وأبي سُفيان، عن جابر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "بينَ العبدِ وبينَ الكُفرِ تركُ الصلاة". وما كان في معنى هذا من الآثارِ


(١) في المسند ٣٠/ ٥٥ (١٨١٣٢).
وأخرجه الطبراني في الكبير ١٩/ ١٤٢ (٣١١)، وفي الأوسط ٥/ ٩٢ (٤٧٦٤) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم الليثي، به. وإسناده ضعيف لانقطاعه كما هو مبيَّنٌ في الحديث السالف قبله.
(٢) في الأصل: "هشيم"، محرف، والمثبت من بقية النسخ، وهو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، مولاهم البغدادي أبو النضر، لقبه قيصر. تهذيب الكمال ٣٠/ ١٣٠.
(٣) أي: سكَتَ ولم يُجِب. يقال للساكت المُطْرِق: مُرِمٌّ. قاله الخطابي في غريب الحديث له ١/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>