للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشيرَ والإحسان، وقد يُسمَّى كافرُ النعمةِ كافرًا. وأصلُ الكفر: التغطيةُ للشيء، ألمْ تسمعْ قولَ لبيد (١):

في ليلةٍ كفَر النجومَ غَمامُها

فيحتمِلُ - واللهُ أعلم - إطلاقُ الكُفرِ على تاركِ الصلاةِ أن يكونَ معناه أن تركَه الصلاةَ غطَّى إيمانَه وغيَّبه حتى صار غالبًا عليه، وهو مع ذلك مؤمنٌ باعتقادِه، ومعلومٌ أن مَن صلَّى صلاتَه، وإن لم يُحافظْ على أوقاتها، أحسنُ حالًا ممن لم يصلِّها أصلًا وإن كان مُقِرًّا بها.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الترمذيُّ، قال: حدَّثنا أبو صالح، قال: حدَّثني الليثُ، قال: حدَّثني يزيدُ بنُ أبي حبيب، عن أبي الخير، عن الصُّنابحيِّ، عن عُبادةَ بنِ الصّامت، أنه قال: إني من النُّقباءِ الذين بايَعوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: بايَعناهُ على أن لا نُشرِكَ بالله شيئًا، ولا نسرِقَ، ولا نزني، ولا نقتُلَ النفسَ التي حرَّم اللهُ إلا بالحقِّ، ولا ننتَهِبَ، ولا نعصيَ، فالجنةُ إن فعَلنا ذلك، فإن غشيْنا من ذلك شيئًا كان أمرُ ذلك إلى الله (٢).


(١) وهو ابن ربيعة العامري، وهذا عجز بيت من معلقته المشهورة، وهو من ديوانه، ص ١٠٢، وفي شرح المعلقات السبع للزوزني، ص ١٨٧، وصدرُه:
يَعْلُو طريقةَ مَتْنِها مُتواتِرٌ
قاله في وصف بقرةِ وحشٍ فقدت ابنها، وقوله: "طريقة متنها" المَتْنُ: خطٌّ من ذنبها إلى عنقها، يعني: يعلو صُلْبها مطرٌ متواترٌ في ليلةٍ سَتَر النُّجومَ غمامُها؛ يعني غيومها.
(٢) أخرج الشاشيُّ في مسنده (١٢٠٦) من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ٤٠٧ (٢٢٧٤٢)، والبخاري (٣٨٩٣) و (٦٨٧٣)، ومسلم (١٧٠٩) (٤٤) من طريق الليث بن سعد، به. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليَزَني، والصُّنابحيُّ: هو عبد الرحمن ابن عُسيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>