للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغلِّطُ أصحابَه وهم يصلُّون (١). وهذا تفرَّد به خالدٌ الطحانُ وهو ضعيفٌ، وإسنادُه كلُّه ليس مما يُحتجُّ به (٢).

وحديثُ البياضيِّ وحديثُ أبي سعيدٍ ثابتان صحيحان، واللهُ أعلم، والحمدُ لله، وليس فيهما معنًى يُشكِلُ يحتاجُ إلى القولِ فيه إن شاء الله. وإذا لم يَجُزْ للتالي المصلِّي رفعُ صوتِه لئلا يُغلِّطَ ويخلِّطَ على مُصَلٍّ إلى جَنْبِه، فالحديثُ في المسجدِ مما يُخلِّطُ على المصلِّي أوْلى بذلك وألزمُ وأمنَعُ وأحرَمُ، واللهُ أعلم.

وإذا نُهِيَ المسلمُ عن أذى أخيه المسلم في عمَلِ البِرِّ وتلاوةِ الكتاب، فأذاه في غير ذلك أشدُّ تحريمًا، وقد نظَر عبدُ الله بنُ عُمرَ إلى الكعبةِ فقال: والله إنَّ لكِ لحُرمةً، ولكنَّ المؤمنَ عندَ الله أعظمُ حرمةً منك؛ حَرُم منه عِرْضُه، ودمُه، ومالُه، وألّا يُظَنَّ به إلا خيرٌ (٣). وحسبُك بالنهي عن أذى المسلم في المعنَى الواردِ في هذا الحديث، فكيف بما هو أشدُّ من ذلك، واللهُ المستعان.


(١) أخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في فضائل القرآن، ص ١٦٩، وأحمد في المسند ٢/ ٩٠ (٦٦٣)، وأبو يعلى في مسنده ١/ ٣٨٤ (٤٩٧)، وابن السراج في حديثه (٣٥٠)، والبيهقي
في شعب الإيمان (٢٦٥٩) من طرق عن خالد بن عبد الله الطحّان، به. وإسناده ضعيف،
لضعف الحارث: وهو ابن عبد الله الأعور، فقد كذّبه الشعبيُّ وغيرُه، ورُمِيَ بالرفْض،
وضَعّفه غير واحد من الأئمة، والحديث السالف قبله في هذا المعنى يُغني عنه، وباقي رجال
إسناده ثقات. مطرِّف: هو ابن طريف الكوفي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(٢) كذا قال رحمه الله، فأطلق تضعيف خالد بن عبد الله الطحان مع أنه ثقة ثبت قد أجمع علماء الجرح والتعديل على توثيقه من مثل أبي زرعة الرازي وأحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي والترمذي والنسائي وغيرهم، وقد قال فيه أحمد: "كان خالد الطحان ثقة صالحًا في دينه، بلغني أنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات، وهو أحبُّ إلينا من هشيم" وكذا يُقال في باقي رجال الإسناد عدا الحارث الأعور، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ٣/ ١٠١ بعد أن أورد كلام المصنِّف: "قلت: وهي مجازفة ضعيفة، فإن الكلَّ ثقات إلا الحارث، فليس فيهم ممن لا يُحتجُّ به غيره".
(٣) أخرجه الترمذي بإثر الحديث (٢٠٣٢)، وابن حبان في صحيحه ١٣/ ٧٦ بإثر الحديث (٥٧٦٣)، والبغوي في شرح السُّنة ١٣/ ١٠٤ (٣٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>