للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه من الفقه: جوازُ أكلِ الصيدِ إذا غاب عنه صاحبُه أو بات عنه، وإذا عرَف أنها رميَّتُه، وليس في حديثِ مالكٍ ما يدُلُّ على أن ذلك الظبْيَ كان قد غابَ عن صاحبِه ليلةً، وذلك في حديثِ حَمّادِ بنِ زيد؛ لقولِه فيه: "أصبتُ هذا بالأمس".

وقد اختلَف الفقهاءُ في هذا المعنى؛ فقال مالك (١): إذا أدرَكه الصائدُ من يومِه أكَله، في الكَلْبِ والسَّهم جميعًا، وإن كان ميِّتًا، إذا كان فيه أثرُ جرحِه، وإن كان قد بات عنه لم يأكُلْه.

وقال الثوريُّ (٢): إذا غابَ عنه يومًا وليلةً كرِهتُ أكلَه.

وقال أبو حنيفة وأصحابُه (٣): إذا توارَى عنه الصيدُ وهو في طَلَبِه فوجَده وقد قتَله، جاز أكلُه، وإن ترَك الطلبَ واشتغَل بعملٍ غيرِه ثم ذهَب في طلبِه فوجَده مقتولًا والكلبُ عندَه، كرِهنا أكلَه.

وقال الأوزاعيُّ (٤): إذا وجَده من الغدِ ميِّتًا ووجَد فيه سهمًا أو أثرًا فليأكُلْه.

وقال الشافعيُّ (٥): القياسُ ألا يأكلَه إذا غابَ عنه. ورُوِي عن ابن عباس: كُلْ ما أصْمَيْتَ، ودع ما أنميتَ (٦). يريد: كُلْ ما عاينتَ صيدَه وموتَه من سلاحِك أو كلبِك، ودع ما غابَ عنك.

وفي حديث أبي رَزِين، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه كَرِه أكْلَ ما غاب عنك مصرعُه


(١) نقله عنه بهذا السياق الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٩٥، وينظر: المدوّنة ١/ ٤٣٥.
(٢) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٩٥.
(٣) ينظر: المصدر السابق ٣/ ١٩٤ - ١٩٥.
(٤) كما في المصدر السابق ٣/ ١٩٥.
(٥) نقله عنه بهذا اللفظ الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٩٥ وقال في الأم ٢/ ٢٥٠: "وإذا رمى الرجل الصيدَ، أو أرسل عليه بعض المعلَّمات، فتوارى عنه ووجده قتيلًا، فالخبرُ عن ابن عباس والقياس أن لا يأكله".
(٦) أخرجه أبو يوسف في الآثار (١٠٦٢) من حديث سعيد بن جُبير، عنه رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>