للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخِلافِ الجِزيةِ. وقال زُفَرُ: لا شيءَ على نِساءِ بني تَغْلِبَ في أموالِهم (١).

وليس عن مالكٍ في هذا شيءٌ مَنْصُوصٌ، ومذهبُه عندَ أصحابِه أنَّ بني تَغْلِبَ وغيرَهم سواءٌ في أخذِ الجِزْيَةِ منهم. وقد جاءَ عن عُمرَ أنّه إنّما فعَل ذلك بهم على ألّا يُنَصِّرُوا أولادَهم، وقد فعَلُوا ذلك، فلا عَهْدَ لهم. كذلك قال داودُ بن كُرْدُوسٍ، وهو راويةُ حديثِ عُمرَ في بَنِي تَغْلِبَ (٢).

قال أبو عُمر: قد عَمَّ اللهُ أهلَ الكتابِ في أخذِ الجِزيَةِ منهم، فلا وجهَ لإخراجِ بني تَغْلِبَ عنهم. وأجمَع العلماءُ على أن الجِزْيَةَ إنّما تُضربُ على البالغين من الرِّجالِ دُونَ النِّساءِ والصِّبيانِ. وأجمَعوا أن الذِّمِّيَّ إذا أسلَمَ فلا جِزْيَةَ عليه فيما يُسْتَقْبَلُ، واختَلَفُوا فيه إذا أسلَمَ في بعضِ الحَوْلِ، أو مات قبلَ أن يَتِمَّ حولُه؛ فقال مالكٌ (٣): إذا أسلَمَ الذِّمِّيُّ سقَطَ عنه كلُّ ما لَزِمَه من الجِزْيَةِ لما مَضَى، وسَواءٌ اجتمَعَ عليه حولٌ أو أحوالٌ، وهو قولُ أبي حنيفةَ وأصحابِه، وعُبيد الله بن الحَسَنِ (٤).

وقال أبو حنيفةَ: إذا انْقَضَتِ السِّنَةُ ولم يُؤْخَذْ منه شيءٌ، ودخَلَتْ سنةٌ أُخرَى، لم يُؤخذْ منه شيءٌ لِمَا مَضَى.

وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يُؤْخَذُ منه.

وقال الشافعيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ: إذا أسلَمَ في بعض السَّنَةِ أُخِذَ منه بحساب.

قال الشافعيُّ: فإن أفْلَسَ فالإمامُ غَرِيمٌ من الغُرَماءِ.

وقولُ أحمدَ بن حنبلٍ في المسألةِ كقولِ مالكٍ، وهو الصوابُ إن شاءَ اللهُ، والحمدُ لله (٥).


(١) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٤/ ٣٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٤٩، ورد المحتار ٢/ ٣٧.
(٢) أخرجه يحيى بن آدم في الخراج (٢٠٦) و (٢٠٨)، وأبو عبيد في الأموال (٧٠) و (١٦٩٥)، وابن أبي شيبة (١٠٦٨٤)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٢١٦.
(٣) في المدونة ١/ ٣٣٣ قريب من هذا المعنى.
(٤) في م: "الحسين"، محرف، وينظر تاريخ الإسلام ٤/ ٤٤٩.
(٥) تنظر: تفاصيل ذلك في الإشراف لابن المنذر ٤/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>