للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضُ أصحابنا: في أمرِ رسولِ اللّه -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه أن يفسَخُوا حجَّهم في عُمرة، أوضحُ دليلٍ على أنه لا يجوزُ إدخالُ العُمرةِ على الحجِّ؛ لأنه لو جاز ذلك لم يؤمَروا بفسخ الحجِّ في العُمرة، إذ الغرضُ كان في ذلك أن يُريَهم -صلى الله عليه وسلم- جوازَ العُمرةِ في أشهرِ الحجِّ لا غير، لِما كانوا عليه من أن ذلك لا يَحِلُّ ولا يجوز، على ما كانوا عليه في جاهليتهم؛ فأراهم -صلى الله عليه وسلم- فسخَ ذلك وإبطالَه بعملِ العُمرةِ في أشهرِ الحجِّ، ولو جاز إدخالُها على الحجِّ ما احتاج، واللّهُ أعلم، إلى الخروج عما دخَل فيه، واستئنافِه بعدُ؛ للمَعْنَى المذكور، واللّهُ الموفِّقُ للصواب.

وفي قوله: نحَر رسولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجِه البقر. دليل على أن نَحْرَ البقرِ جائزٌ. وعلى جوازِ ذلك أهلُ العلم، إلا أنهم يستحبُّون الذَّبحَ في البقر؛ لقولِ اللّه عزَّ وجلَّ في البقرة: {فَذَبَحُوهَا} [البقرة: ٧١]. ولم يقل: فنحروها. فذَبْحُ البقرةِ ونحرُها جائزٌ بالقرآنِ والسنة، والحمدُ للّه.

وقال الشافعيُّ عن مالكٍ في هذا الحديث: نحَر رسولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجِه بقرةً. ومنهم من يرويه: بقرًا. وقد ذكَرنا هذا المعنى في باب مُرسلِ ابنِ شهابٍ من هذا الكتاب، وذكَرنا حُكْمَ الاشتراك في الهَدْيِ هناك (١)، وفي بابِ أبي الزبير (٢)، فلا وجهَ لإعادةِ ذلك هاهنا، والحمدُ للّه وحدَه.


(١) في أثناء شرح الحديث الثالث عشر من مراسيله، وقد سلف في موضعه.
(٢) وهو المكّيّ، في أثناء شرح الحديث الأوّل له عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>