للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأقمارُ، واللهُ أعلم، النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعُمر، دُفِنوا في بيتها. وذلك تأويلُ سقوطِ الأقمار في حَجْرِها.

وفيه دليلٌ على أنَّ القمرَ قد يكونُ في التأويل المَلِكَ الأعظمَ كالشمس سواء، واللهُ أعلم.

وفيه ردٌّ لقول مَن قال: إنَّ القمرَ مَلِكٌ أعجميٌّ، والشمسَ عربيٌّ في التأويل.

وأما روايةُ مَن روى: "سقَطْنَ في حَجْري" ففيها أن التأويلَ قد يخرُجُ على اشتقاقِ اللفظِ وقُربِ المعنى؛ لأنَّ قولها: "سقَطن في حَجْري" تأوَّله أبو بكر رضيَ الله عنه على الدَّفنِ في حُجرتها وبيتها (١)، فكأن الحُجْرةَ أخَذها من الحَجْر، والبيتُ والحُجْرةُ سواء؛ لأنَّ أصلَ الكلمةِ الضمُّ، فكأنه عَبَرها على اللفظ، واللهُ أعلم.

والسقوطُ هاهنا الدفنُ.

وعلمُ تأويل الرُّؤيا من علوم الأنبياءِ وأهلِ الإيمان، وحسبُكَ بما أخبَر اللهُ من ذلك عن يوسفَ عليه السلام ولما جاء في الآثارِ الصِّحاح فيها عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وأجمَع أئمةُ الهدى من الصحابةِ والتابعينَ ومَن بعدَهم من علماءِ المسلمينَ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ على الإيمانِ بها، وعلى أنها حكمةٌ بالغةٌ، ونعمةٌ يمُنُّ اللهُ بها على مَن يشاء، وهي المُبشِّراتُ الباقيةُ بعدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢).


(١) سلف تعليقنا على هذا الحرف في أول شرح هذا الباب، وأن أكثر الرواة عن مالك رواه بلفظ:
"في حُجْرتي".
(٢) لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لم يَبْقَ من النُّبوَّة إلّا المُبشِّرات" قالوا: وما المُبشِّرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة"، أخرجه أحمد في المسند ٢١/ ٣٢٦ (١٣٨٢٤)، والترمذي (٢٢٧٢) من حديث المختار بن فلفل عن أنس رضي الله عنه وأخرجه البخاري (٦٩٩٠) من حديث سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومعناه عند مسلم (٤٧٩) من حديث معبد بن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيُّها الناس، لم يَبْقَ من مبشِّرات النُّبوَّة إلّا الرُّؤيا الصالحة، يراها المسلمُ، أو تُرى له". وينظر ما سلف في شرح الحديث الثالث والثلاثين لمرسل زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار.

<<  <  ج: ص:  >  >>