للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى زُهيرُ بنُ مُعاوية، عن عُبيدِ الله بنِ عُمر، عن نافع، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن كان في شيءٍ مما تتداوَوْن به شفاءٌ، ففي شرطةِ مِحْجَم، أو شَرْبةِ عسل، أو حبّاتٍ سُود، أو لَذْعةِ نار، وما أُحِبُّ أن أكتوِيَ" (١).

قال أبو عُمر: الكيُّ بابٌ من أبوابِ التداوي والمعالجة، ومعلومٌ أن طلبَ العافيةِ بالعلاج والدُّعاءِ مباحٌ بما قدَّمنا من الأصول في غير موضع من هذا الكتاب، وحَسْبُك بما أورَدنا من ذلك في باب زيدِ بنِ أسلم (٢)، فلا يَجبُ أن يُمْتَنَع من التداوي بالكَيِّ وغيرِه إلا بدليل لا مُعارِضَ له، وقد عارَض النهيَ عن الكيِّ من الإباحةِ ما هو أقوى، وعليه جمهورُ العلماء، ما أعلَمُ بينهم خلافًا، أنهم لا يَرَون بأسًا بالكيِّ عندَ الحاجةِ إليه.

قال أبو عُمر: فمَن ترَك الكيَّ ثقةً بالله، وتوكُّلًا عليه، كان أفضلَ؛ لأنَّ هذه منزلةُ يقينٍ صَحِيح، وتلك منزلةُ رُخْصةٍ وإباحة.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ السلام، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، قال: حدَّثنا شُعبة. وأخبرنا عبدُ الوارث، قال: حدَّثنا قاسم، قال: حدَّثنا الحَسَنُ بنُ


(١) أخرجه البزار في مسنده ١٢/ ١٥٧ (٥٧٥٨)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار ١/ ٥٠٣ (٧٩٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٢٠ (٧١٤٠)، والعقيلي في الضعفاء ٤/ ٣٠، والحاكم في المستدرك ٤/ ٢٠٩ من طرق عن زهير بن معاوية، به. ورجال إسناده ثقات، ولكن نقل ابن أبي حاتم في العلل ٦/ ٢٥١ - ٢٥٢ (٢٤٩٨) عن أبي زرعة قوله: "هذا حديث منكر" يعني بهذا الإسناد، وإلا فالحديث صحيح من عدة وجوه عن ابن عباس كما في الحديث السالف قبله، ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو عند البخاري (٥٦٨٣)، ومسلم (٢٢٠٥) من حديث عاصم بن عمر بن قتادة عنه مرفوعًا بلفظ: "إن كان في شيءٍ من أدويتكم خيرٌ، ففي شرطة مِحْجَم، أو شربة من عسل، أو لذعةٍ بنار، وما أُحبُّ أن أكْتَوي". دون ذكر "أو حبّات سود".
(٢) في أثناء شرح الحديث الخامس والأربعين له، وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>