كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

يحيى بن سعيد الأنصاري رحمه الله - ٦٥ - ج: 15 - ص: 496

قال (١): حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، قالا: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عليّة، قال: حدَّثنا يونسُ بنُ الحَسَن، عن أنسِ بنِ حكيم الضَّبِّيّ، أنه أتى المدينةَ فلقيَ أبا هُريرةَ فقال له: يا فتى، ألَا أحدِّثُكَ حديثًا لعلّ اللهَ أن ينفعَك به؟ قلت: بلى. قال: إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به الناسُ يومَ القيامةِ من أعمالِهم الصَّلاةُ، فيقولُ ربُّنا تبارك وتعالى لملائكتِه وهو أعلم: انظُروا في صلاةِ عبدي؛ أتمَّها أم نقَصَها؟ فإن كانت تامّةً، كُتِبت له تامّةً، وإن كان انتقَص منها شيئًا، قال: انظُروا هل لعبدي من تطوُّع؟ فإن كان له تطوُّع، قال: أكمِلُوا لعبدي فريضتَه من تطوُّعِه. ثم تؤخَذُ الأعمالُ على ذلك. قال يونُس: وأحسَبُه عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

قال أبو داود (٢): وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا حَمّادٌ، عن داودَ بنِ أبي هند، عن زُرارةَ بنِ أوفى، عن تميم الدَّاريّ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بهذا المعنى. قال: "ثم الزكاةُ مثلُ ذلك، ثم تؤخَذُ الأعمالُ على حَسَبِ ذلك".

قال أبو عُمر: أما إكمالُ الفريضةِ من التطوع، فإنما يكونُ ذلك، واللهُ أعلم، فيمَن سَهَا عن فريضةٍ فلم يأتِ بها أو لم يُحسِنْ رُكوعَها ولم يدرِ قَدْرَ ذلك، وأمّا مَن تعمَّد تركَها، أو نسِيَ ثم ذكَرها فلم يأتِ بها عامدًا، واشتغَل بالتطوُّع عن أداءِ فَرضِه وهو ذاكرٌ له، فلا تُكمَلُ له فريضتُه تلك من تطوُّعِه، واللهُ أعلم.

---

(١) في سننه (٨٦٤)، ومن طريقه ابن حزم في المحلّى ٢/ ٢٤٥.
وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٢٦٢ من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، به.
وأخرجه أحمد في المسند ١٥/ ٢٩٩ (٩٤٩٤)، والبخاري في التاريخ الكبير ٢/ ٣٣ - ٣٤ (١٥٩٢) عن إسماعيل ابن عُلية، به. وإسناده ضعيف كما بيّنا تفصيله قبل قليل. يونس: هو ابن عُبيد بن دينار العبْديّ.
(٢) في سننه (٨٦٦)، ومن طريقه ابن حزم في المحلّى ٢/ ٢٤٥، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٢٦١ - ٢٦٢، وعنه البيهقي في الكبرى ٢/ ٣٨٧ (٤١٧١) كلاهما من طريق موسى بن إسماعيل المنقري، أبي سلمة التَّبوذكي، به. وقد تقدم الكلام على بُعد سماع زرارة من تميم، وروايته موقوفًا.