للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائفةٌ من علماءِ المسلمين وفقهائِهم من أصحابِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ وغيرِهم (١).

ورُوِي عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، وأبي أُسَيدٍ الساعديِّ، ورافع بنِ خَديج، وسَهْلِ (٢) بنِ سَعْد، وعبدِ الله بنِ عُمر، وجابرِ بنِ عبدِ الله، وأبي هُريرة، أنهم كانوا يُحفُون شواربَهم (٣). وكان عبدُ الله بنُ عُمرَ يَحلِقُه حتى يبدوَ الجِلْد (٤).

وكان أحمدُ بنُ حنبل يُحفي شاربَه إحفاءً شديدًا ويَحلِقُه حتى يبدوَ جِلْدُه، ويقول: السُّنةُ الإحفاءُ كما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-. حكَى ذلك عنه الأثرمُ (٥) وغيرُه.

ولم يختلِفْ قولُ مالكٍ وأصحابه أنَّ الذي يُحفَى من الشاربِ هو الإطار، وهو طرَفُ الشَّفَةِ العُليا، وأصلُ الإطارِ جوانبُ الفَمِ المُحدِقةُ به مع طرفِ الشّاربِ المُحدِقِ بالفم، وكلُّ شيءٍ يُطيفُ بشيءٍ ويُحدِقُ به فهو إطارُه. وحجَّةُ مَن ذهَب هذا المذهبَ قولُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "خمسٌ من الفطرة". فذكَر منهن قصَّ الشّارب، فقوله: "قصُّ الشّارب". يُفسِّرُ قولَه: إحفاءُ الشَّوارب (٦)، واللهُ أعلم.


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٨٢.
(٢) في الأصل: "قيس"، محرف.
(٣) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ١/ ٤٤٩ و ٣/ ٥٥٨ و ٤/ ١٧٥ - ١٧٨، والمصنَّف لابن أبي شيبة باب (ما يؤمر به الرّجل من إعفاء اللحية والأخذ من الشارب) ٨/ ٥٦٤ - ٥٦٧، والأوسط لابن المنذر ١/ ٣٤١ - ٣٤٣، وشرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ٢٣١، والمحلّى لابن حزم ٢/ ٢٢٠، والسُّنن الكبرى للبيهقي ١/ ١٥١.
(٤) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٤/ ١٧٦ - ١٧٨، والمصنَّف لابن أبي شيبة (٢٦٠٠٥) و (٢٦٠٠٦)، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ٢/ ٥٥ (٧٤٢) و (٧٤٣)، ومسند البزار ١٢/ ٢٧ (٥٣٩٩)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٨٢.
(٥) كما في فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٣٣٥، وينظر: الوقوف والترجُّل من الجامع لمسائل الإمام أحمد بن حنبل لأبي بكر الخلّال، ص ١٢٨ (٨٩ - ٩١).
(٦) ينظر ما نُقل عن مالك وأصحابه في هذا: البيان والتحصيل لأبي الوليد محمد بن رُشد القرطبي ٩/ ٣٧٢ - ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>