للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِسْعرٌ، عن جامع بنِ شدّاد أبي صخرة، عن المغيرةِ بنِ عبدِ الله الثقفيِّ، عن المغيرةِ بنِ شُعبة، قال: ضِفْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ ليلةٍ فأمَر لي بجَنْبٍ فشُوِي، وأخَذ من شاربي على سِواك.

وأما قولُه: "وإعفاءِ اللِّحَى"، فقال أبو عُبيد (١): يعني: تُوفَّرُ وتُكَثَّرُ، يقال منه: عَفَا الشَّعَرُ: إذا كثُر، فهو عاف، وقد عفوتُه وأعفيتُه، لغتان، قال الله: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: ٩٥]؛ يعني: كثُروا، وهذه اللفظةُ مُتصرِّفةٌ، يقالُ في غيرِ هذا: عفا الشيء: إذا درَس وامَّحَى. قال لَبيدٌ (٢):

عفَتِ الديارُ مَحَلُّها فمُقامُها

هذا كلُّه قولُ أبي عُبيد.

وقال ابنُ الأنباريّ (٣): يقال: عفا الشيءُ يعْفُو عفْوًا: إذا كثُر، وقد عفَوتُه أعْفُوه، وأعفَيتُه أُعفِيْه إعفاءً: إذا كثَّرتُه، وعفا القوم: إذا كثُروا، وعفَوا: إذا قلُّوا، وهو من الأضداد، والعافي: الطالبُ، والعافي عن الجُرم، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور: ٢٢].


وأخرجه أحمد في المسند ٣٠/ ١٥١ (١٨٢١٢) و ٣٠/ ١٧٢ (١٨٢٣٦) عن وكيع بن الجراح، عن مِسْعَر بن كدام، به، وينظر تمام تخريجه فيما سلف بإسناد آخر للمصنف من طريق وكيع، به، في أثناء شرح الحديث الثالث لسعيد بن أبي سعيد المقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(١) في غريب الحديث له ١/ ١٤٧ - ١٤٨، وقوله: "تُعفى: توفّر وتُكثّر" نقله عن الكسائي فيما ذكر، والباقي قوله.
(٢) وهو ابن ربيعة العامريُّ، وهذا مطلع معلّقته المشهورة، وهو في ديوانه، ص ٩٨، وعجْزُه:
بمِنًى تأبَّدَ غوْلُها فرِجامُها
وينظر: شرح المعلّقات التسع المنسوب لأبي عمرو الشيباني، ص ٢٦٤.
(٣) في كتابَيْه: الزاهر في معاني كلمات الناس ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩، والأضداد، ص ٨٧ - ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>