للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أجمعُوا على القولِ بهذا الحديثِ لمَن لم يُصلِّ وكان على طهارة، وكذلك إذا كان قد صلّى وحدَهُ إلّا لِمَا يُعادُ منَ الصّلواتِ على ما ذكَرْنا من مذاهبِ العُلماءِ في ذلكَ عندَ ذِكْر حديثِ زيدِ بنِ أسلم، عن بُسْرِ بنِ مِحْجَن، فإذا كان ما ذكَرْنا، فلا يحِلُّ له الخُروجُ منَ المسجدِ بإجماعٍ إلّا أن يخرُجَ للوُضوءِ وينْويَ الرُّجوعَ.

واختَلفوا فيمَنْ صلّى في جماعةٍ ثم أذّنَ المؤذِّنُ وهو في المسجدِ لتلكَ الصلاةِ على ما قدّمْنا ذِكْرُه عنهم في باب زيدِ بنِ أسلم (١)، والحمدُ لله.

وقد كرِهَ جماعةُ من العلماءِ خُروجَ الرّجُلِ من المسجد بعدَ الأذانِ إلّا للوُضوء لتلكَ الصلاةِ بنيّة الرُّجوع إليها، وسواءٌ صلّى وحدَهُ أو في جماعةٍ أو جماعات.

وكذلك كرِهُوا قعودَهُ في المسجدِ والناسُ يُصلُّون؛ لئلّا يتشبَّه بمَنْ ليس على دِينِ الإسلام، وسواءٌ صلّى أو لم يُصلِّ.

والذي عليه مذهبُ مالكٍ أنه لا بأس بخروجِه من المسجدِ إذا كان قد صلَّى تلك الصلاةَ في جماعة، وعلى ذلك أكثرُ القائلين بقوله، إلا أنهم يكرَهون قعودَه مع المصلِّين بلا صلاة، ويستحبُّون له الخروجَ والبعدَ عنهم، على ما قد أوضَحناه في باب زيدِ بنِ أسلم، فلا وجهَ لإعادتِه ها هنا.

قال مالكٌ: دخَل أعرابيٌّ المسجدَ وأذَّن المؤذِّن، فقام يَحُلُّ عقالَ ناقتِه ليخرُج، فنهاه سعيدُ بنُ المسيِّب فلم ينتَهِ، فما سارت به غيرَ يسيرٍ حتى وقَصَت به، فأُصيب في جسدِه، فقال سعيد: قد بلَغَنا أنه مَن خرَج بينَ الأذانِ والإقامةِ لغيرِ الوضوءِ فإنه سيُصابُ.


= وأخرجه الحميديّ في مسنده (٩٩٨)، والنسائي في المجتبى (٦٨٣)، وفي الكبرى ٢/ ٢٥٤ (١٦٥٩)، والسراج في مسنده (٩٩٣)، وأبو عوانة في المستخرج ١/ ٣٥٣ (١٢٦٤) من طريق سفيان بن عيينة، به.
(١) في أثناء شرح الحديث التاسع عشر له، عن رجل من بني الدِّيل، يقال له بُسْر بن مِحْجَن، عن أبيه. وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>