للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيانُه لذلك فرضٌ كسائرِ بيانِه لمُجمَلات الكتابِ في الصلواتِ وركوعِها وسجودِها وأوقاتِها، وفي الزَّكواتِ ومقاديرِها، وغير ذلك ممَّا يطولُ ذكرُه.

وقد استدلَّ بعضُ أصحابِنا على وجوب الخطبةِ بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: ١١] لأنه عاتَب بذلك الذين ترَكوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قائمًا يخطُبُ يومَ الجُمُعة وانفَضُّوا إلى التجار التي قَدِمت العِيرُ بها في تلك الساعة، وعابَهم لذلك، ولا يُعابُ إلّا على تركِ الواجب. وما قدَّمناه من القولِ في وجوبِها لازمٌ أيضًا قاطعٌ، وباللّه التوفيق.

وكلُّ ما وقَع عليه اسمُ خُطبةٍ من كلامٍ مؤلَّفٍ يكونُ فيه ثناءٌ على الله، وصلاةٌ على رسول الله، وشيءٌ من القرآن، يُجزئُ، ولا يُجزئُ عندي إلّا أقلُّ ما يقعُ عليه اسمُ خُطبة. وأمّا تكبيرةٌ واحدةٌ، أو تسبيحةٌ، أو تهليلةٌ، كما قال أبو حنيفةَ فلا، وقد ذكَر ابنُ عبد الحكم في هذا شيئًا لم أرَ لذكرِه وجهًا؛ لِما قدَّمنا ذِكرَه من صحيح القول عندَنا، وباللّه التوفيق.

وأمّا الأثرُ المتصلُ في معنَى حديثِ مالكٍ، فأخبَرنا خلفُ بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز، قال: حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ العبديُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن عمرَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يجلسُ بينَ الخُطْبتين (١).

قال عليٌّ: وحدَّثنا بشرُ بنُ المفضل، عن عُبيدِ الله بن عُمرَ، عن نافع، عن ابن عمرَ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطُبُ خُطبتَين قائمًا، يفصِلُ بينهما بجلوسٍ (٢).


(١) أخرجه الطيالسي (١٩٦٩)، وابن أبي شيبة (٥٢٣٧)، وأحمد ٩/ ٤٧١ (٥٦٥٧) و ١٠/ ٢٠ (٥٧٥٦)، وأبو داود (١٠٩٢)، ومن طريقه البيهقي ٣/ ٢٠٥ من طريق عبد الله بن عمر العمري.
(٢) أخرجه البخاري (٩٢٠) و (٩٢٨)، ومسلم (٨٦١) (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>